ما الذي قتل الارتباط بين أمريكا والصين؟ «2 من 2»
إذا تعاملنا مع الصين كصديق، فلن نتمكن من ضمان الصداقة، ولكن بوسعنا على الأقل أن نبقي الباب مفتوحا أمام إمكانية التوصل إلى نتائج أكثر اعتدالا". وقد ردد كولن باول وزير الخارجية الأمريكي هذه النقطة في 2001، فقال للكونجرس "إن الصين ليست عدوا، والتحدي الذي يواجهنا هو الإبقاء على الوضع على هذه الحالة".
بالنظر إلى أحداث الماضي الآن، ما زلت أعتقد أن الارتباط كان واقعيا، وإن كنت أقر بالذنب بأن توقعاتي فيما يتصل بالسلوك الصيني كانت أعلى مما رأيناه من شي جين بينج. بينما يعد بعض الصينيين دونالد ترمب مسؤولا عن قتل الارتباط، فإنه كان أشبه بصبي يصب الزيت على نار أشعلتها الصين.
يقودنا هذا إلى شي جين بينج، الذي تولى السلطة في أواخر 2012 وسرعان ما عمل على قمع التحرير السياسي، في حين حاول الإبقاء على انفتاح السوق. وفي الأعوام الأخيرة، تحول إلى زيادة الدعم للشركات المملوكة للدولة وتشديد الضوابط المفروضة على الشركات الخاصة، وأبلغ المسؤولين الأمريكيين أنه يريد "نموذجا جديدا للعلاقات بين القوى العظمى" يؤكد الشراكة المتكافئة. من ناحية أخرى، أصدر أوامره لكبار قادة جيش التحرير الشعبي بالاستعداد للصراع، لأن الغرب لن يقبل أبدا صعود الصين السلمي.
في حين لعب كل من ترمب وشي جين بينج دورا مهما في القطيعة الصينية - الأمريكية، فإن موت الارتباط يمتد إلى جذور أشد عمقا. فمنذ أواخر سبعينيات القرن الـ20، استخدم دنج شياو بينج إصلاحات السوق لانتشال الصين من براثن الفقر، في حين حافظ على سياسة خارجية متواضعة تقوم على النصيحة الشهيرة: "أخف قوتك وتحين الفرصة". ولكن في عهد هيو جين تاو، رأت النخب الصينية في الأزمة المالية العالمية 2008 "التي بدأت في وول ستريت" علامة على الانحدار الأمريكي، وبالتالي تجاهلت سياسة دنج الخارجية.
رغم أن الصين استفادت من النظام الاقتصادي الدولي الليبرالي، فإن قادتها الآن يريدون مزيدا. ولم يكتفوا باستخدام إعانات الدعم الحكومية التي شوهت التجارة الدولية، بل شاركوا أيضا في سرقة الملكية الفكرية عبر الإنترنت على نطاق واسع. في بحر الصين الجنوبي، تجاوزت الصين الحدود القانونية بإفراط عندما أنشأت جزرا اصطناعية. في 2015، أخبر شي الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه لن يضفي الطابع العسكري على الجزر، لكنه مضى قدما وفعل ذلك. في 2016، عندما قضت المحكمة الدولية لقانون البحار ضد مطالبات الصين في دعوى قضائية أقامتها الفلبين، تجاهلت الصين الحكم.
بدأت الصين تتصرف وكأنها قوة عظمى، لكن تصرفاتها أنتجت ردود أفعال، خاصة من جانب أمريكا، حيث تعزز الشعور بالمرارة بفعل خسارة الوظائف لمصلحة الواردات الصينية. واستجاب الناخبون في المناطق المتضررة بسهولة لنزعة ترمب الشعبوية وسياساته القائمة على تدابير الحماية في 2016.
على هذا، من الممكن أن نؤرخ رمق الارتباط الأخير في 2015، عندما تعاونت الصين والولايات المتحدة في دعم اتفاق باريس للمناخ. في حين عقد شي وأوباما أيضا قمة واتفقا على عدم استخدام التجسس السيبراني لأغراض تجارية، فقد أصبح هذا التفاهم حبرا على ورق عندما تولى ترمب منصبه في 2017. في كل الأحوال، كانت خيبة الأمل بدأت بالفعل، وتوفي الارتباط فعليا بحلول 2016. في العصر الحاضر الذي يتسم بالمنافسة بين القوى العظمى، حلت "المنافسة الموجهة" و"التعايش التنافسي" محل الارتباط. فليرقد في سلام.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2024.