أصداء الذكاء الاصطناعي على التمويل «5»
يتولى الخبير التقني جينسلر مسؤولية حماية سوق أوراق مالية يبلغ حجمها 46 تريليون دولار، تشكل خمسي حجم أسواق الأوراق المالية في العالم. وفي تصريحات للصحافيين في يوليو الماضي، قال إن الأخطار التي يتعرض لها الاستقرار المالي بسبب الذكاء الاصطناعي تتطلب "تفكيرا جديدا على نطاق النظام ككل، أو تدخلات على مستوى سياسات السلامة الاحترازية الكلية. وأضاف، فقد يزيد الذكاء الاصطناعي الهشاشة المالية، لأنه قد يشجع على تركز المتاجرة في السوق - مع اتخاذ أطراف فردية قرارات متشابهة، لأنها تتلقى الإشارة نفسها من نموذج تأسيسي أو مقدم خدمة تجميع البيانات".
وجاء ذلك التحذير انعكاسا لعمل جينسلر بوصفه أستاذا لعلم الاقتصاد العالمي والإدارة في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، حيث نشر في 2020 دراسة عن عملية التعلم العميق بالتعاون مع ليلي بيلي. وقد أوضحا في تلك الدراسة أن هذه المجموعة الفرعية من الذكاء الاصطناعي توفر "قدرات تنبؤية لم يسبق لها مثل، تتيح فرصا كبيرة لتحقيق الكفاءة والشمول المالي وتخفيف حدة الأخطار." إلا أنهما حذرا من أن القواعد التنظيمية المالية الراسخة منذ أزمنة سابقة "من المحتمل أن تكون قاصرة عن التعامل مع الأخطار النظامية التي يفرضها اتساع نطاق اعتماد التعلم العميق في مجال التمويل". وحول الحديث عن عامل "الأزمة متعددة الجوانب" فقد يتمثل خطر آخر في أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى تفاقم أزمة ما، أيا كان السبب، لأنها مدربة على بيانات من الماضي قد لا توضح الواقع في موقف غير مسبوق، وذلك وفقا لما ذكره أنسيلم كوسترز، رئيس إدارة التحول الرقمي والتكنولوجيات الجديدة في مركز السياسات الأوروبية في برلين. وقد ذكر كوسترز مصطلح "أزمة متعددة الجوانب"، الذي شاع استخدامه على يد زميله المؤرخ الاقتصادي آدم تووز، مشيرا إلى التفاعل بين الصدمات المختلفة التي تكون مجتمعة أسوأ من مجموع الأجزاء المكونة لها.
وقال كوسترز إن تزايد استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تفتقر إلى الوضوح "توجد أخطار نظامية جديدة"، إذ يمكن أن تؤدي سريعا إلى تضخيم حلقات التأثيرات المرتدة السلبية. ومن ثم، حث البرلمان الأوروبي على "التركيز على الأخطار الإضافية التي تنشأ في الأزمات بسبب التنبؤ الذي يستند إلى الخوارزميات." وستواجه هذه المسائل التي تفرضها هذه التكنولوجيا سريعة التطور مسؤولي البنوك المركزية وصناع القرار الآخرين في الأعوام المقبلة، حيث تصبح المنافع والتهديدات أكثر وضوحا.
وقالت مريم مفكر، من البنك المركزي الأوروبي: "نحن لم نبلغ بعد النقطة التي نعرف فيها ما هو منطقي لمسؤولي البنوك المركزية." ثم أضافت "فنحن لا نزال في البداية".