مطب إصلاحات .. سوق السيارات التركية تخفف السرعة
يطبق نزيه علي أوجلو استراتيجية لبيع السيارات في صالته لعرض سيارات بيجو في أنقرة التي كانت ستكون استراتيجية مستحيلة قبل بضعة أشهر فقط، ألا وهي خصومات كبيرة. قال علي أوجلو، رئيس شركة جورال أوتوموتيف، إن وكالته التي تقع قبالة طريق سريع في العاصمة التركية كانت تقدم خصومات تراوح بين 10 و15 في المائة على السيارات الجديدة - وهي أكبر الحوافز التي قدمتها مجموعته منذ خمسة أعوام وأول تخفيضات في الأسعار منذ 2020.
وتعرضت سوق السيارات المستعملة لضربة أكبر حتى، حيث شهدت سوق السيارات المستعملة، أوتومركزي.نت، انخفاضا في الأسعار تصل إلى 20 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى نهاية نوفمبر.
يعد هذا التباطؤ في صناعة السيارات في تركيا أحد أوضح العلامات على كيف أثر الإصلاح الاقتصادي بعد إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو في تهدئة اقتصاد السيارات الذي يبلغ حجمه 900 مليار دولار. ارتفعت مبيعات السيارات في الأعوام الأخيرة بسبب التضخم الشديد وانخفاض أسعار الفائدة ما جعل الأتراك يهرعون بحثا عن الأصول التي تحتفظ بقيمتها.
قال علي أوجلو: "قبل الانتخابات كنت تنتظر في الطابور ثلاثة أشهر لشراء سيارة جديدة. والآن تحصل على سيارتك خلال أسبوع أو عشرة أيام".
وأضاف أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة تركية كبرى لتوزيع السيارات، طلب عدم ذكر اسمه: "لقد كان العامان الماضيان جيدين على نحو غير عادي، والآن يعود الوضع إلى طبيعته".
تحول الأتراك في الأعوام الأخيرة إلى شراء السيارات والأجهزة المنزلية والذهب بعدها مخازن للقيمة لأن التضخم، الذي بلغت ذروته أكثر من 85 في المائة في 2022 ولا يزال فوق 60 في المائة، وانخفاض الليرة أديا إلى تآكل قيمة مدخراتهم بشكل خطير.
إن إصرار أردوغان على إبقاء أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة للغاية عزز فكرة أن السيارات استثمارات لأن أسعار الفائدة على الودائع المصرفية كانت أقل بكثير من معدل التضخم. وعلى المنوال نفسه، كانت تكاليف الاقتراض لقروض السيارات منخفضة للغاية مقارنة بالتضخم.
وقال مسؤولون تنفيذيون في الصناعة إن اندفاع المدخرين المحليين لشراء السيارات للاستثمار، إلى جانب الآثار المتبقية للاضطرابات المرتبطة بالجائحة في سلاسل التوريد، قد أديا إلى اختلال كبير في التوازن بين الطلب المتزايد على المركبات والعرض المحدود المتاح.
قفزت مبيعات التجزئة للسيارات إلى 841 ألفا في أول 11 شهرا من 2023، مقارنة بـ593 ألفا خلال 2022 بأكمله، وفقا لجمعية موزعي السيارات والتنقل التركية، وهي هيئة مهنية. وكانت المبيعات لعام 2023 هي الأعلى منذ عقد على الأقل.
أظهرت بيانات من وكالة الإحصاء التركية أن أسعار السيارات في تركيا ارتفعت 214 في المائة في العامين الماضيين مع إقبال الأتراك على شراء السيارات. وكان معدل زيادات الأسعار قويا خصوصا في فترة انتخابات مايو عندما أطلقت حكومة أردوغان موجة من إجراءات التحفيز لدعم الاقتصاد قبل يوم التصويت. وفي يوليو وحده، ارتفعت الأسعار 16 في المائة عن الشهر الذي سبقه.
وقال علي أوجلو: "عندما كان التضخم 80 في المائة والفائدة على الودائع 25 في المائة، كان الجميع يريدون شراء البضائع. لهذا السبب جاءوا إلينا لشراء ثلاث إلى خمس سيارات والاحتفاظ بها في مرائبهم".
وأطلق فريق الإدارة الاقتصادية الجديد في تركيا، الذي تم تعيينه في يونيو، إصلاحا شاملا في السياسة لتهدئة طلب المستهلكين على بضائع مثل السيارات وترويض التضخم. رفع البنك المركزي، بقيادة مصرفي جولدمان ساكس السابق حافظ جاي إركان، سعر الفائدة القياسي من 8.5 في المائة في يونيو إلى 42.5 في المائة، حيث تخلى أردوغان، مؤقتا على الأقل، عن اعتراضه الذي طال أمده على تكاليف الاقتراض المرتفعة.
كما تم إجراء تغييرات أخرى في السياسة، من ضمنها زيادة الضرائب على البنزين ثلاثة أضعاف وفرض قيود تهدف إلى إبطاء معدل النمو في قروض السيارات. أظهرت بيانات البنك المركزي أن أسعار الفائدة على القروض الاستهلاكية للسيارات ارتفعت من 25 في المائة قبل انتخابات مايو الماضي إلى 37 في المائة. ومع أن هذا لا يزال أقل من معدل التضخم الحالي، فإن النمو في قروض السيارات، الذي وصل إلى نسبة سنوية معدلة حسب التضخم تقارب 300 في المائة في فبراير، تباطأ إلى 61 في المائة فقط، وفقا للهيئة التنظيمية المصرفية في تركيا.
وفي الوقت نفسه، تضاعفت العوائد التي يمكن للأتراك كسبها بمجرد إبقاء عملاتهم بالليرة في البنك بأكثر من ثلاثة أضعاف عن مستوى أبريل لتصل إلى 38 في المائة، ما قلل بشكل كبير من جاذبية شراء السيارات والبضائع الأخرى لتكون استثمارات.
وأشار إركان في مقابلة أجريت معه أخيرا مع صحيفة "حريت" التركية إلى أنه نتيجة للسياسات الاقتصادية الجديدة، "نشهد انخفاضا في أسواق منتجات مثل السيارات والسلع البيضاء والأثاث، وهي الأكثر تأثرا بالسياسة النقدية".
وقال المدير التنفيذي لشركة السيارات: "عندما يعتقد المستهلكون أن التضخم ينخفض، فإن الطلب على السيارات ينخفض". وأضاف أنه مع ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع "من المنطقي ترك الأموال في البنك بدلا من شراء أشياء مثل السيارات".