حوكمة الفضاء في القرن الـ 21 .. المعاهدات العالمية صعبة المنال
يجب على الحكومات والصناعة تسريع الجهود الرامية إلى تنفيذ التوجيهات الطوعية للاستخدام المستدام للفضاء، بدلا من بذل الجهود من أجل معاهدة عالمية جديدة سيكون التوصل إليها "صعبا"، وفقا لمسؤول بارز في الأمم المتحدة.
كانت الزيادة السريعة في عمليات إطلاق الصواريخ والأقمار الاصطناعية قد أثارت مخاوف بشأن أخطار الاصطدامات الخطيرة التي تولد كميات كبيرة من "المخلفات الفضائية"، وهو ما أثار دعوات لتشديد الرقابة على الأنشطة في المدار الأرضي المنخفض.
وقالت آرتي هولا مايني، المديرة الجديدة لمكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي: "نحن بحاجة إلى عملية متعددة الأطراف وأكبر قدر ممكن من التعاون".
لكنها قالت إن التوصل إلى معاهدة ملزمة في فترة تشهد توترات عالمية وتنافسا دوليا في الفضاء "سيكون محل نزاع وسيستغرق وقتا". إن اتفاقا "يحل جميع المشكلات (...) سيكون صعبا".
بدلا من ذلك، قالت هولا مايني، إنه يتعين على الهيئات التنظيمية الوطنية تسريع تنفيذ مجموعة من التوجيهات الطوعية وضعتها الأمم المتحدة والصادرة في 2019. سيعزز تنفيذها الاستدامة في الفضاء بشكل كبير، التي قد أصبحت أولوية لعديد من الدول حيث أصبحت خدمات الأقمار الاصطناعية ضرورية للبنية التحتية الرقمية.
وقالت: "جزء كبير من المحتوى في التوجيهات يمكن تحويله إلى معايير". وهي تشمل مقترحات لإدارة النشاط في الفضاء بأمان، والتقليل من الحطام، وتبادل مزيد من البيانات حول تشغيل الأقمار الاصطناعية، والتدابير المضادة للاصطدام، وأنماط الطقس.
وقالت هولا مايني، التي تولت منصبها في سبتمبر بعد 25 عاما من العمل في صناعة الفضاء: "إن تنفيذ التوجيهات هو الفرصة الوحيدة أمامنا لنتحرك في الاتجاه الصحيح". كما قالت إن مزيدا من المعلومات عن النشاط المداري والحطام، على سبيل المثال، كان خطوة أولى مهمة. وقالت: "كلما زادت البيانات التي تتم مشاركتها، أصبح الفضاء أكثر أمانا".
وتقدر وكالة ناسا أن ما يقارب تسعة آلاف طن من الحطام تدور حول الأرض بسرعات تصل إلى 25 ألف كيلومتر في الساعة - مثل أجسام الصواريخ القديمة، أو الأقمار الاصطناعية المهجورة، أو شظايا المحركات المنفجرة. حتى أصغر قطع الحطام تشكل تهديدا. ففي عام 2016، تسببت قشرة من الطلاء في كسر نافذة في محطة الفضاء الدولية.
وقد أصبحت مستويات عمليات الإطلاق في المدار الأرضي المنخفض أعلى 27 مرة عما كانت عليه قبل عقد من الزمن، وفقا لمبادرة تقييم استدامة الفضاء، التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي. وكانت منطقة المدار الأرضي المنخفض، التي يصل ارتفاعها إلى ألفي كيلومتر فوق الأرض، محور النشاط الأخير، كما أنها تمثل 96 في المائة من المخلفات الفضائية.
وقالت مبادرة تقييم استدامة الفضاء في تقرير حديث: "هذا التراكم للحطام والأقمار الاصطناعية النشطة يشكل أخطارا كبيرة على بقية البيئة في الفضاء". وقال خبراء إن التوترات الجيوسياسية بين الغرب وروسيا والصين من المرجح أن تعقد المحادثات الرامية لمعالجة القوى المحركة الجديدة في الفضاء. ومن المسلم به على نطاق واسع أن معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، التي تم تصميمها عندما كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تتنافسان على التفوق التكنولوجي، لا تناسب أبدا التطور السريع لقطاع الفضاء التجاري. وقد دعت الأمم المتحدة نفسها إلى إطار قانوني جديد العام الماضي. وقال لودفيج مولر، مدير معهد سياسة الفضاء الأوروبية: "إن التوصل إلى معاهدات جديدة مهمة معقدة. لن أضع هذا على سلم أولوياتي إذا أردت حلا لمشكلة تتفاقم يوما بعد يوم. التوجيهات وحدها لا تعطي حلا مباشرا، ولكن ينبغي التشجيع على تبني أفضل الممارسات".
وبعد ما يقارب عقدا من الزمن من التطوير، عدت التوجيهات تقدما كبيرا في حوكمة الفضاء الدولية. لكنها ليست ملزمة، والآن هناك أكثر من 70 دولة ومئات من شركات القطاع الخاص التي لديها أنشطة أو طموحات في الفضاء. وقد كافحت الهيئات التنظيمية الوطنية لمواكبة هذه البيئة المتغيرة.
وقد وجد تقرير صدر أخيرا عن المجلس الاستشاري لأجيال الفضاء، وهو مجموعة تضم 25 ألف شاب من المهنيين الشباب في مجال الفضاء لدعم الوكالة الدولية متعددة الأطراف، أرسل إلى الأمم المتحدة أنه في حين بدأت بعض الحكومات في إدخال عدد من التوجيهات في قوانينها الوطنية وتكييفها، إلا أن "عددا من الحكومات لم يفعل ذلك بعد، وهو ما يظهر فجوة كبيرة محتملة".