سباق الملابس الرياضية الصينية .. «أنتا» على مفترق طرق
في عام 1987، استقل دينج شيزونج المراهق، قطارا من مدينة فوتشو في جنوب الصين إلى بكين، حاملا أحذية جلدية مصنوعة في مصنع عائلته في مقاطعة فوجيان الساحلية. تمكن الفتى البالغ من العمر 17 عاما من المساومة لبيع الأحذية التي كانوا يصنعونها في المتاجر الكبرى في العاصمة. لقد كانت تلك بداية تطور شركته أنتا من كونها مصنعة أحذية إقليمية غير معروفة إلى تجاوزها شركة أديداس العام الماضي لتصبح ثاني أكبر شركة تجزئة للملابس الرياضية في الصين بعد شركة نايكي، بإيرادات سنوية تبلغ 7.8 مليار دولار.
قال أحد الأشخاص المقربين من إدارة شركة أنتا، "أدرك دينج في وقت مبكر أن المال يكمن في العلامة التجارية، وليس في صناعة المنتج". لكن بعد أعوام من النمو السريع، أصبحت الشركة الآن "على مفترق طرق"، وفقا لما ذكره شون رين، المؤسس والمدير الإداري لمجموعة أبحاث السوق الصينية. وقال "نمو علامة أنتا التجارية في الصين يتباطأ، وليس من الواضح ما إذا كانت المجموعة في وضع جيد يمكنها من استيعاب الاتجاهات الصينية المتطورة في الملابس الرياضية". رفضت شركة أنتا التعليق.
إنها إحدى شركات الملابس الرياضية الكثيرة المعروفة باسم "فوجيان تايجرز" التي ظهرت في الثمانينيات وقامت بتصنيع الملابس والأحذية لعلامات تجارية غربية، منها نايكي. وبعد إدراجها في هونج كونج عام 2007، قامت شركة أنتا بشراء علامات تجارية أجنبية لاستهداف المستهلكين ذوي الإنفاق المرتفع، وأخيرا دخلت فئات الملابس الرياضية المختصة سريعة النمو.
ففي عام 2009، اشترت حقوق شركة الملابس الرياضية الإيطالية فيلا في الصين، وبعد عشرة أعوام، قادت عملية استحواذ بقيمة 5.6 مليار يورو على شركة أمير سبورتس الفنلندية، التي تمتلك مجموعة من العلامات التجارية بما في ذلك شركة أركتيريكس وشركة ويلسون لمضارب التنس. قال دينج، الذي تولى منصب رئيس مجلس إدارة الشركة في ذلك الوقت "ليس هناك إمكانية لإنشاء شركة أركتيريكس أو ويلسون بقوة العلامة التجارية نفسها للشركات الصينية اليوم. لكن يمكن تحقيق ذلك عبر استراتيجية الاستحواذ والنمو في السوق الصينية".
ونظرا إلى أن شركة أنتا مسؤولة عن سداد قرض قيمته 1.3 مليار يورو ينتهي أجله في مارس الماضي، الذي حصل عليه اتحادها لإكمال صفقة 2019، يركز المستثمرون على ما إذا كان بإمكانهم تنفيذ طرح عام أولي ناجح لشركة أمير سبورتس. كانت الشركة تستهدف الإدراج في نيويورك أوائل العام المقبل، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر، ما من شأنه أن يوفر التمويل لتحفيز النمو في الصين ويساعد شركة أنتا على سداد الديون الناتجة عن عملية الاستحواذ. والهدف هو جمع أكثر من مليار دولار بتقييم قدره عشرة مليارات دولار، لكن هؤلاء الأشخاص حذروا من احتمال حدوث تأخير بسبب ظروف السوق غير المواتية.
حتى يونيو من هذا العام، أعلنت شركة أنتا خسائر متراكمة بقيمة 1.8 مليار رنمينبي "250 مليون دولار" جراء عملية الاستحواذ. وقالت ميليندا هو، وهي محللة للتجزئة في شركة بيرنشتاين "ينبغي أن ترتفع مستويات الأرباح بشكل كبير مع اكتتاب عام الذي يسمح لهم بسداد الديون".
في سوقها الوطنية، عانت أكبر ثلاث شركات للملابس الرياضية المحلية -أنتا، ولي نينج وإكستيب- تباطؤ النمو عام 2023 بسبب ضعف الاستهلاك، وانخفض متوسط الأداء المرجح بالقيمة السوقية للعلامات التجارية الصينية بنسبة 26 في المائة على أساس سنوي، وفقا لمحللي بنك إتش إس بي سي. وأعلنت شركة نايكي نفسها الرائدة في السوق برنامج إعادة هيكلة جديد الأسبوع الماضي، وألقت باللوم فيه جزئيا على ضعف الطلب في الصين.
وفي الوقت نفسه، تضاءل نمو الإيرادات من العلامة التجارية أنتا ذات السوق الشاملة للشركة الصينية، التي تمثل ما يزيد قليلا على نصف المبيعات، بعد طفرة مدفوعة جزئيا بالمقاطعة الوطنية للعلامات التجارية الأجنبية بسبب موقفها من منتجات القطن في سنجان المصنوعة باستخدام العمل القسري.
قالت السيدة هو من شركة بيرنشتاين "إن استراتيجية الاستحواذ التي تنتهجها المجموعة أدت إلى نقص الاستثمار في علامتها الرئيسية". وأضافت "لقد خصصوا من الموارد لعمليات الاندماج والاستحواذ وتحسين أوضاع العلامات التجارية التي اشتروها أكثر مما خصصوا للاستثمار في علامة أنتا التجارية".
وفي تحد آخر، تتعرض شركة فيلا الراقية، التي شكلت نحو 40 في المائة من الإيرادات في النصف الأول من عام 2023، لضغوط من الوافدين مثل لولوليمون أثلتيكا، وهوكا وأون رنينج.
وقالت شركة لولوليمون "إن إيراداتها في الصين نمت بنسبة 61 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، وأنها تريد مضاعفة عدد المتاجر في البلد ثلاث مرات إلى 220 بحلول عام 2026".
وقالت أليسون مالمستين، محللة الملابس الرياضية في شركة داكسيو كونسلتنج "يمارس الصينيون مجموعة واسعة من الألعاب الرياضية على مستوى عال. وهذه الدفعة الجديدة من الرياضيين توفر فرصا للعلامات التجارية الأجنبية ذات خطوط الإنتاج القوية في الغرب".
وقال رين "العلامات التجارية الأكثر شهرة التي تتمتع بتراث رياضي حقيقي تتفوق على شركة أنتا. الاتجاه لا يبدو لائقا وصحيا لكنه في الواقع لائق وصحي. هذه مشكلة بالنسبة إلى شركة فيلا".
وقال والتر وو، محلل التجزئة في بنك سي إم بي إنترناشيونال ومقره هونج كونج، "إنه استجابة للاتجاهات الجديدة والمنافسة المتزايدة، قدمت شركة أنتا مزيدا من منتجات شركة فيلا الفنية والوظيفية مع خفض خطوط الإنتاج ذات الأداء الضعيف". إضافة إلى ذلك، استحوذت على حصة أغلبية في "مايا أكتيف"، وهي علامة تجارية "للملابس الرياضية اليومية" التي يقع مقرها في شنغهاي، يبلغ حجم مبيعاتها السنوية 400 مليون رنمينبي "54.7 مليون دولار"، وشكلت مشروعات مشتركة مع شركة ملابس التزلج اليابانية ديسينت ومجموعة الملابس الرياضية الخارجية الكورية الخارجية كولون سبورتس لبيع منتجاتها في الصين.
وفي عام 2020، أصلحت شركة أنتا نموذج أعمالها بعد تعرضها لهجوم من قبل شركة مدي وترز البائعة على المكشوف بدعوى تضخيم الإيرادات عبر شبكة من الموزعين "الخاضعين للرقابة السرية". نفت الشركة هذه المزاعم.
ابتعدت الشركة عن نموذج التوزيع بالجملة الذي دام 20 عاما عبر السيطرة على متاجر البيع بالتجزئة في المدن الكبرى. وقالت هو "إن هذه الخطوة ساعدت الشركة على ضمان الجودة مع إصلاح صورتها لدى المستثمرين في الوقت نفسه".
كما سمح الاتصال المباشر مع العملاء لشركة أنتا بالتكيف بسرعة مع الاتجاهات الناشئة، مع فترات زمنية تصل إلى ثلاثة أشهر فقط لجلب المنتجات إلى المتاجر، مقارنة بـ18 شهرا للعلامات التجارية الأجنبية، وفقا لما ذكره المطلعون على الشركة. إنها قدرة ستخدمها جيدا في ظل المنافسة. حيث قال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة ملابس رياضية منافسة "شركة أنتا سريعة الاستجابة للاتجاهات الجديدة وطرح المنتجات في السوق. إنها سريعة التعلم".