حماية المستخدم .. حمل يثقل كاهل "أوفكوم"
تقوم هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية (أوفكوم) بتصيد موظفين من شركات التكنولوجيا الكبرى، بينما تستعد هيئة مراقبة وسائل الإعلام في المملكة المتحدة لفرض أحد أصعب القواعد التنظيمية الجديدة للإنترنت في العالم، حيث أنشأت الهيئة التنظيمية فريقا جديدا متخصصا يضم ما يقرب من 350 شخصا لمعالجة السلامة عبر الإنترنت، من ضمنهم موظفون جدد من أصحاب الوظائف العليا في ميتا ومايكروسوفت وجوجل. وأضافت الهيئة أنها تهدف أيضا إلى توظيف 100 آخرين هذا العام.
تأتي الزيادات في عدد الموظفين استجابة لتشريع السلامة عبر الإنترنت، الذي أصبح قانونا في المملكة المتحدة في أكتوبر. يمنح هذا القانون هيئة مراقبة وسائل الإعلام صلاحيات جديدة واسعة النطاق للإشراف على بعض أكبر الشركات في العالم إضافة إلى مئات الآلاف من المواقع والتطبيقات الصغيرة، حيث يمنح القانون أوفكوم صلاحيات لتحميل المنصات المسؤولية عن أي مواد غير قانونية، كالاعتداء الجنسي على الأطفال والمحتوى الإرهابي، إضافة إلى واجبات أوسع لحماية الأطفال عبر الإنترنت.
قالت ميلاني دوز، الرئيسة التنفيذية لأوفكوم: "إن التوقعات عالية للغاية، لكنها ليست أسرع مما رأيت من قبل. فلا يوجد شيء سريع بما فيه الكفاية على الإطلاق".
أصبح قانون السلامة عبر الإنترنت محور نقاش عاطفي خلال رحلته عبر البرلمان، حيث حث الآباء الثكالى للمراهقين، الذين ماتوا منتحرين بعد اكتشاف مواد ضارة، السياسيين على التحرك بشكل أسرع ومحاسبة الشركات.
وقال عضو سابق غير تنفيذي في مجلس إدارة أوفكوم: "هناك خطر على سمعة أوفكوم نظرا إلى وجود خطر واضح في رفع التوقعات العامة إلى أبعد من النقطة التي يمكن تلبيتها بشكل معقول. ونظرا لحجم المهمة، يجب أن يكون هذا احتمالا واضحا".
نشرت أوفكوم وثائق مطولة وقواعد سلوكية على أمل أن يؤدي تقديم إرشادات مفصلة إلى تشجيع الامتثال قبل بدء صلاحيات الإنفاذ الرسمية للجهة التنظيمية على مدار العامين المقبلين.
وستتمكن الهيئة التنظيمية بعد ذلك من فرض غرامات على الشركات التي تنتهك القواعد بما يصل إلى 10 في المائة من حجم مبيعاتها العالمية السنوية ومتابعة القضايا الجنائية ضد كبار المديرين الذين يفشلون في واجب الرعاية.
وقدرت أوفكوم أن تنفيذ القانون سيكلف 166 مليون جنيه استرليني بحلول أبريل 2025، منها 56 مليون جنيه استرليني سيتم إنفاقها بحلول أبريل من هذا العام. وتخطط الهيئة التنظيمية لإنشاء هيكل رسوم للشركات لاسترداد التكاليف.
تتوقع أوفكوم أيضا أن عديدا من قراراتها قد تحتاج إلى الدفاع عنها في المحاكم، مع حرص شركات التكنولوجيا على الطعن في الجوانب غير الواضحة من القانون لتوضيح القانون. وسيختبر ذلك مدى فاعلية الهيئة الرقابية في مواجهة الفرق القانونية لبعض أكثر شركات التكنولوجيا غنى في العالم.
قالت سوزان كاتر، مديرة الإنفاذ في أوفكوم: "إننا على استعداد تام للتعامل مع القضايا المحفوفة بالأخطار فيما يتعلق بتعرضنا القانوني. فنحن سنواجه بعض الشركات الكبرى، ومن الممكن أن تكون هناك بيئة معادية للغاية هنا".
مع ذلك، فقد استقطبت السلطات الجديدة مديرين تنفيذيين من الشركات الرائدة. حيث قالت ألمودينا لارا، التي انضمت إلى أوفكوم في يونيو من جوجل: إنها انتقلت لمواصلة عملها في مجال سلامة الأطفال. وأضافت: "إن معظم العاملين في قطاع التكنولوجيا لديهم الدوافع السليمة، ولكن الحقيقة هي أنه من الصعب جدا في بعض الأحيان إعطاء الأولوية لسلامة المستخدم".
وانضمت جيسيكا زوكر إلى مركز الاتصالات في منصب مديرة سياسة السلامة عبر الإنترنت في أوفكوم في يونيو 2022، بعد أن قادت سابقا فريق سياسة المعلومات المضللة في شركة ميتا في أوروبا وبعد العمل في مايكروسوفت.
قالت: إن هناك اهتماما "غامرا" بالوظائف في أوفكوم، مدعوما بتخفيضات فيها في قطاع التكنولوجيا على مدار العامين الماضيين، حيث قامت الشركات بتسريح عشرات الآلاف من العاملين - بما في ذلك عند استحواذ إيلون ماسك على تويتر (سابقا)، الذي خفض وظائف فرق الثقة والسلامة في الشركة.
قالت زوكر: "إن أولئك الذين ما زالوا مدفوعين بالسلامة والتناسب عبر الإنترنت يرون أن أوفكوم هي البديل. يمكنك أن تفعل ذلك لشركة واحدة، أو يمكنك أن تفعل ذلك لصناعة بأكملها".
قادت زوكر عمل الهيئة التنظيمية للتعامل مع منصات مشاركة الفيديو، مثل تيك توك وسناب تشات وتويتش، متسلحة بصلاحيات جديدة لإجبار المجموعات على تسليم تفاصيل عملياتها، بما في ذلك كيفية حماية الأطفال، أو مواجهة غرامات كبيرة.
فتحت الهيئة التنظيمية في ديسمبر تحقيقا في تيك توك بعد أن زودها التطبيق واسع الانتشار ببيانات غير دقيقة حول أدواته للرقابة الأبوية. وردا على ذلك، قالت تيك توك: إنها ارتكبت خطأ فنيا وتعمل على تصحيح المشكلة.
وقالت كاتر: "إذا لم تمتثل الشركات، فسنتخذ موقفا متشددا للغاية لأن النظام بأكمله يعتمد على قدرتنا على جمع معلومات دقيقة عندما نحتاج إليها. ليس هناك مجال للمناورة هنا".
وتخطط أوفكوم أيضا للتعامل مع أكبر الخدمات عبر الإنترنت أو أكثرها خطورة عبر اجتماعات إشراف منتظمة لمناقشة الامتثال، بقيادة آنا لوكاس، مديرة الإشراف.
وقد حذر النقاد من أن الطبيعة الكاسحة للقانون ستترك أوفكوم مثقلة بالمسؤوليات، بغض النظر عن التعيينات الأخيرة المخصصة للإنفاذ.
"إن المشكلة المركزية هي النطاق. فلا أحد يعرف كيف سيتم ذلك، لكن وجهة نظر أوفكوم هي أنه عليك أن تبدأ من مكان ما. كما قال موظف كبير سابق في أوفكوم، إذ لا يمكنك إنجاز مهمة كبيرة ومعقدة دفعة واحدة، وبالتالي ستكون هناك تصفية لهذه الخدمات حسب الأخطار المتصورة".
وقالت جيل وايتهيد، التي تقود جهود السلامة عبر الإنترنت في أوفكوم، نظرا إلى أنها اشتغلت سابقا في جوجل: "لا توجد حلول سحرية للسلامة عبر الإنترنت". ووصفت المحتوى الذي واجهته في منصبها بأنه "مثير للقلق للغاية".
لكنها أضافت: "إن هناك هدفا حقيقيا (...) لأنه حتى تغيير حياة طفل واحد يحدث فرقا هائلا".