"بيبسيكو" ضد "كارفور" .. معركة في رفوف المتاجر الفرنسية
لا يحب أي أحد أن يهجر، حتى إن كانت علامة تجارية عالمية قوية مثل بيبسيكو، كما يبدو.
أصرت شركة صنع المشروبات والوجبات الخفيفة الأسبوع الماضي على أنه لم يتم سحبها من رفوف متاجر كارفور في فرنسا، التي حظرت "بيبسيكو" ومنتجاتها بعد بضعة أيام لمطالبتها بزيادات "غير مقبولة" في الأسعار.
في الحقيقة، قالت "بيبسيكو": إنها تركت كارفور العام الماضي بعد عدم التوصل إلى اتفاق بشأن الأسعار، متهمة متجر البقالة الفرنسي بتغيير سلسلة سير الأحداث.
إن النزاعات حول الأسعار بين تجار التجزئة للمواد الغذائية ومورديهم تدور منذ الأزل، وحظر المنتجات المؤقت ليس بالأمر غير المألوف. يتم حل هذه النزاعات في العادة، لكن لا يزال هذا الصراع المحتدم الذي يشن الآن في فرنسا متقد أكثر من المعتاد.
توترت المناقشات بسبب عدد من الأنظمة الجديدة التي تحد من قدرة تجار التجزئة على خفض الأسعار في حين تشجع الموردين على الخشونة.
أولا، أمرت الحكومة بإنهاء المفاوضات السنوية حول الأسعار بين تجار التجزئة والموردين بحلول نهاية هذا الشهر بدلا من مارس، على النحو الذي يمليه القانون التجاري للدولة.
ثانيا، أقر المشرعون قواعد جديدة تقيد قدرة تجار التجزئة على الحصول على المنتجات في عموم أوروبا. تخضع المفاوضات المتعلقة بالمنتجات الغذائية التي تباع في المتاجر الفرنسية للوائح الفرنسية – حتى إذا أجريت النقاشات في دولة أخرى. تفرض هذه الأنظمة الفرنسية في كثير من الحالات الحد الأدنى لتسعير المنتجات. إضافة إلى أن القواعد تحدد الخصومات التي يمكن لتجار التجزئة وضعها على منتجات الصحة والجمال والنظافة عند 34 في المائة.
إن هدف القانون هو ضمان ألا يتم الضغط على الموردين المحليين الصغار من تجار التجزئة الذين يطالبون بتخفيضات الأسعار التي لا يمكن إلا للعلامات التجارية الكبيرة متعددة الجنسيات تحملها.
تتخذ فرنسا موقفا تدخليا على غير العادة في قطاع التجزئة للمواد الغذائية. يدرك السياسيون تماما أن الناخبين الفرنسيين حساسون للغاية لتكاليف المعيشة، وقد كانوا كذلك منذ أسهمت أسعار الخبز في الثورة قبل 235 عاما.
أشار بنك فرنسا العام الماضي إلى أن أهم أولويتين لمعظم الفرنسيين هما التضخم والقوة الشرائية. بلغ تضخم أسعار الغذاء أعلى مستوى له على الإطلاق في 2023، وبينما تراجع ذلك منذ ذلك الحين إلا أنه لا يريد أي أحد تكرار احتجاجات السترات الصفراء في 2018 - 2020.
كان المقصد من قرار الحكومة بتسريع مناقشات الأسعار هذا العام إعطاء المستهلكين أسعارا أقل بشكل أسرع. سيفشل ذلك، ليس فقط لأنه لا توجد فرصة لتخفيض مباشر في أسعار الغذاء الفرنسية، بل لأن الجدول الزمني المستعجل يبدو أنه أثار موقف "بيبسيكو" المتشدد. يواجه تجار التجزئة مثل "كارفور" غرامات ضخمة إذا لم يلتزموا بالموعد النهائي و"بيبسيكو" تعلم ذلك.
تكمن مشكلة اللوائح الفرنسية ذات النتائج العكسية في أن العلامات التجارية الكبرى متعددة الجنسيات قد انتهى بها الأمر إلى أكبر المستفيدين، ولا ينوي كثير منها خفض الأسعار.
يقول أناندا روي من شركة سيركانا لاستشارات المستهلك، "إنها معضلة كبيرة لتجار التجزئة في فرنسا، حيث يريدون أن ينظر إليهم على أنهم أصدقاء للمستهلك، لكن عليهم تلبية أنظمة شديدة للغاية. فهم مقيدون من تقديم أفضل الأسعار الممكنة للمستهلكين ولا يستطيعون تقديم العروض التي ستجذب الإقبال على متاجرهم. لقد منحت العلامات التجارية موقفا تفاوضيا قويا للغاية".
كانت "بيبسيكو" إحدى العلامات التجارية الأكثر قسوة، ويعود ذلك إلى حد كبير لأن المستهلكين لا يزالون يشترون منتجاتها. لقد تم رفع سعر رقائق بطاطس ليز 25 في المائة في العام حتى نهاية سبتمبر، مقارنة بالزيادة المتوسطة 7-10 في المائة لهذه الفئة، وفقا لمجموعة كانتار لأبحاث السوق. وهي تطلب الآن زيادة أخرى في السعر بنسبة 7 في المائة تقريبا، كما قال مطلع على المناقشات. كما أخبرني أحد تجار التجزئة الفرنسيين أن ذلك يعادل زيادة تقارب 30 في المائة خلال عامين.
كان أليكساندر بومبارد، الرئيس التنفيذي لشركة كارفور، صريحا بشأن إجحاف زيادات الأسعار الكبرى من العلامات التجارية. يقول روي: إن مثل هذه العلامات التجارية تتمتع بالفعل بهوامش ربح من رقمين أعلى من 15 في المائة، فيما يكافح تجار التجزئة بعوائد ضئيلة أقل من 5 في المائة.
في نهاية الأمر، سيقرر المستهلكون إلى أي مدى يمكن لـ"بيبسيكو" تخطي الحدود. لكن هناك علامات على أن "كارفور" تعتقد أن الحد يدنو منها سريعا. قد لا تكون منتجات "بيبسيكو" موجودة على أرفف "كارفور" الآن، لكن قد يجد المتسوقون وجبات خفيفة مشابهة تحت علامة سلسلة المتاجر التجارية بالقرب من اللافتات التي تستنكر مطالب الشركة الأمريكية "غير المقبولة" للأسعار. إذا كان العملاء يشترون كميات متزايدة من الوجبات الخفيفة، فلماذا لا يستخدم الخلاف الحالي للحصول على حصة – واكتساب سمعة بطل المستهلكين أثناء ذلك؟ نظرا إلى البيئة التنظيمية القاسية في فرنسا، ليس أمام تجار التجزئة خيار سوى اقتناص أي فرصة في الشدائد.