قطاع الجامعات البريطانية .. عاصفة عجز كاملة
حذر رئيس مجموعة الضغط الرئيسة في قطاع الجامعات من أن أعدادا كبيرة من جامعات المملكة المتحدة معرضة لخطر الوقوع في العجز المالي بسبب الانخفاض الحاد في عدد الطلاب الدوليين، بعد الخطاب العدائي من قبل حكومة ريشي سوناك.
وقالت فيفيان ستيرن، الرئيسة التنفيذية لاتحاد جامعات المملكة المتحدة، الذي يمثل أكثر من 140 جامعة، "إن القطاع يواجه احتمال حدوث تصحيح مفرط خطير، جراء سياسات الهجرة التي تمنع الطلاب الدوليين من القدوم للدراسة في بريطانيا".
قالت ستيرن لـ"فاينانشيال تايمز"، "إذا كانوا يريدون تهدئة الأمور، فهذا شيء، لكن يبدو لي أنه من خلال مزيج من الخطابة، وهي أمر منفر، وتغييرات السياسات... (قاموا بالفعل) باستبعاد مجموعة كاملة من الأشخاص الذين كانوا سيأتون إلى المملكة المتحدة لولا ذلك".
جاء نداء ستيرن بعدما تبين أن بعض الجامعات الكبرى، من ضمنها جامعة يورك، وهي عضو في مجموعة النخبة راسل، اضطرت إلى تخفيف شروط القبول الخاصة بها، من أجل الحفاظ على أعداد الطلاب الأجانب.
وأضافت "على الحكومة أن تكون حذرة للغاية: فقد ينتهي بنا الأمر، من وجهة نظر السياسة، إلى ما أعده تصحيحا مبالغا فيه بشكل خطير".
مع التجميد الفعلي للرسوم الدراسية للطلاب المحليين البالغة 9،250 جنيها استرلينيا على مدار العقد الماضي، أصبحت جامعات المملكة المتحدة تعتمد بشكل متزايد على الطلاب من خارج الاتحاد الأوروبي لتغطية نفقاتها، حيث تمثل الرسوم التي يدفعها الطلاب من خارج الاتحاد الأوروبي الآن ما يقرب من 20 في المائة من مدخول القطاع.
تحذر الجامعات فيما بينها من أن الأرقام قد تراجعت بشكل حاد هذا العام بعد سلسلة من التحركات السياسية العدائية من قبل الحكومة، بوجود مؤشرات على أن معدلات الالتحاق ربما انخفضت بما يزيد على الثلث من البلدان الرئيسة، ومن بينها نيجيريا والهند.
قال أحد كبار المطلعين على شؤون الجامعات لـ"فاينانشيال تايمز"، "إن القطاع ككل فزع من البيانات التي أظهرت أن عدد الطلاب الدوليين الذين سيأخذون أماكنهم في يناير 2024 كان أقل بكثير من الحد الأدنى للتوقعات بالنسبة إلى الجميع".
وفي يناير، أكد سوناك على التغييرات في سياسة الحكومة لمنع طلاب الدراسات العليا الدوليين من إحضار أفراد عائلاتهم إلى المملكة المتحدة، مضيفا أن "هذه السياسة تخدم الشعب البريطاني".
وأعلنت الحكومة أيضا في ديسمبر أنها تراجع ما يسمى بـ"مسار الدراسات العليا" الذي يمكن الطلاب الدوليين من العمل في المملكة المتحدة لمدة عامين بعد تخرجهم، وأعلنت عن حملة صارمة على "المساقات الدراسية منخفضة القيمة"، رغم أن 3 في المائة فقط منها تفشل في تلبية المعايير التي حددتها الجهة التنظيمية.
وأظهرت البيانات الواردة من "إنرولي"، وهي منصة على الإنترنت يستخدمها واحد من كل ثلاثة طلاب دوليين لإدارة الالتحاق بالجامعات، أن مدفوعات الودائع انخفضت 37 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
ووجد تحليل جديد لاتحاد جامعات المملكة المتحدة أجرته شركة برايس ووترهاوس كوبرز الاستشارية، أن اجتماع عوامل انخفاض أعداد الطلاب الدوليين، والرسوم الدراسية المجمدة، وارتفاع فواتير أجور الموظفين، والتراجع في أعداد الطلاب في المملكة المتحدة، يترك القطاع في مواجهة عاصفة كاملة.
حيث قالت ستيرن "إذا أخذت في الحسبان هذه الأشياء معا، فستكون لديك مشكلة كبيرة"، محذرة من أن الحكومة ينبغي أن تتنبه للمخاطر التي يتعرض لها القطاع الذي يسهم بمبلغ 71 مليار جنيه استرليني في اقتصاد المملكة المتحدة كل عام.
وقد استند تحليل برايس ووترهاوس كوبرز إلى العوائد المالية للفترة بين عامي 2021 - 2022 لـ70 جامعة عضوا في اتحاد جامعات المملكة المتحدة في إنجلترا وأيرلندا الشمالية، ووجد أنه من المتوقع أن يعاني نحو 40 في المائة من الجامعات عجزا في الفترة بين عامي 2023 - 2024، لينخفض إلى 19 في المائة بحلول الفترة بين عامي 2025 - 2026.
مع ذلك، قال بول كيت، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة التعليم يقدم الآن المشورة لشركة برايس ووترهاوس كوبرز بشأن التعليم، "إن الأرقام تعكس افتراضات حول الإنفاق ونمو المداخيل، تبدو الآن متفائلة للغاية بالنظر إلى بيئة السياسات".
ووجد تحليل شركة برايس ووترهاوس كوبرز أنه إذا توقف نمو الطلاب الدوليين بين العامين الدراسيين 2024 - 2025، فإن نسبة الجامعات التي تعاني عجزا ماليا سترتفع من 19 في المائة إلى 27 في المائة، لكن إذا بدأت الأعداد في الانخفاض بين 13 و18 في المائة فإن أربعة أخماس الجامعات ستكون في عجز.
قال التقرير "إن آثار انخفاض معدلات التحاق الطلاب الدوليين يمكن أن تتفاقم بسبب صدمات سلبية أخرى، كزيادة في نمو الإنفاق أو انخفاض أعداد الطلاب المحليين". وحذر من أن الضغوط المالية المتزايدة قد تجبر الجامعات على خفض المخصصات وتأخير الاستثمار، ما يضر بالجودة للطلاب.
قالت ستيرن "إن هناك ثلاثة تدخلات ضرورية لوضع القطاع على أساس مستقر: رفع الرسوم الدراسية بما يتماشى مع التضخم، وزيادة المنح التعليمية الحكومية وتحقيق الاستقرار في السوق الدولية عبر تخفيف الخطاب السلبي وإنهاء علامات الاستفهام حول مسار الدراسات العليا".
وأضافت "يمكنك أن تأخذ هذه السيناريوهات الفردية التي نظرت فيها شركة برايس ووترهاوس كوبرز، وتعتقد أن أي واحد منها يمكن أن يضع عددا كبيرا من المؤسسات في موقف صعب للغاية، لكن المشكلة هي أن كثيرا من هذه الأشياء يحدث دفعة واحدة".
وأضاف روبرت هالفون، وزير التعليم العالي "إننا نركز بشكل كامل على تحقيق التوازن الصحيح بين العمل بشكل حاسم لمعالجة مشكلة الهجرة الصافية، التي من الواضح أنها مرتفعة للغاية، وبين جذب ألمع الطلاب للدراسة في جامعاتنا".