أسعار أطباء الأسنان .. كابوس يواجه البريطانيين
بات العثور في المملكة المتحدة على طبيب أسنان يتقاضى التعرفة العامة مهمة شبه مستحيلة وأشبه بـ"كابوس" لبريطانيين كثر، ما لا يترك أمام بعضهم سوى اللجوء إلى القطاع الخاص في حال كانوا قادرين على تحمل تكاليفه، في حين يفضل آخرون الاستغناء عن الرعاية الطبية حتى لو كانت ضرورية.
على غرار الأزمة الكبيرة التي تؤثر في نظام الصحة العامة في بريطانيا ("إن إتش إس")، فإن عددا كبيرا من أطباء الأسنان يتخلون عن هذه المنظومة العامة لمصلحة مؤسسات الرعاية الخاصة، وهي أكثر ربحية وأعلى تكلفة بكثير.
ويبدي البريطانيون ارتباطا قويا بهيئة الخدمات الصحية الوطنية التي تسمح لهم، مهما كان دخلهم، بتلقي المراقبة الطبية والعلاج مجانا، أو في حالة رعاية الأسنان بأسعار منخفضة. ولكن بحسب دراسة أجرتها جمعية طب الأسنان البريطانية في 2022، فإن 90 في المائة من أطباء الأسنان لم يعودوا يقبلون مرضى جددا بالأسعار العامة.
وأظهر استطلاع أجرته هيئة "يوجوف" الإحصائية في مارس 2023 أن واحدا من كل خمسة بريطانيين لم يسجل اسمه في مؤسسة صحية خاصة أو عامة.
منذ أشهر، يكافح داني وايت، وهو أب عاطل عن العمل، من أجل إيجاد طبيب أسنان لنفسه ولزوجته التي تعاني خراجات متكررة، وابنتيه اللتين لدى إحداهما سن تنمو خلف أسنانها اللبنية، والأخرى تحتاج إلى جهاز تقويم أسنان.
وبحسب ما ذكرت "الفرنسية"، يقول مارك جونز، وهو مستشار أمني أطلق قبل ثلاثة أعوام حملة "بلا أسنان في إنجلترا"، "ثمة أشخاص ينتهي بهم الأمر في المستشفى بسبب جرعات زائدة من مسكنات الألم، ويموت بعضهم بسبب تسمم الدم جراء خراج أو سرطان غير مشخص في الفم".
ويوضح غاضبا "بعض الناس يخلعون أسنانهم بأنفسهم"، كما حدث أثناء الحجر الصحي خلال جائحة كوفيد - 19 التي شهدت تنامي ظاهرة "طب الأسنان المنزلي".
وأظهرت بيانات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن المملكة المتحدة تضم 49 طبيب أسنان لكل 100 ألف نسمة، وهو أدنى معدل بين دول مجموعة السبع. لكن "المشكلة لا تكمن في نقص أطباء الأسنان، بل في نقص أطباء الأسنان الذين يختارون العمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، بحسب مارك جونز.
وحذر مركز أبحاث "ذي نافيلد ترست" في تقرير حول هذا الموضوع في منتصف ديسمبر، أن خدمات طب الأسنان التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية "تقترب من نهاية حياتها تقريبا".
تدريجيا، يتشكل نظام ذو مستويين متباعدين، من جهة ثمة أولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليف العلاج في القطاع الخاص، ومن ناحية أخرى، هناك أفراد الفئات الأكثر تواضعا الذين يرون صحتهم تتدهور.