حرب الأسعار .. هل تنجو «بي واي دي» بنفسها؟
تستمر مبيعات مركبات شركة بي واي دي الكهربائية في تحقيق أرقام قياسية جديدة، حتى إنها تجاوزت شركة تسلا كأكبر شركة مصنعة في العالم في الربع الأخير. لكن أسهم الشركة الصينية المصنعة للمركبات الكهربائية تستمر في الانخفاض. فهل بلغت شركة بي واي دي ذروتها بالفعل؟
واصلت شركة بي واي دي، العلامة التجارية للمركبات الكهربائية الأكثر مبيعا في الصين، زيادة حجم مبيعاتها وحصتها في السوق، حيث باعت 1.6 مليون مركبة كهربائية تعمل بالبطارية العام الماضي. وسجلت الصادرات رقما قياسيا آخر، حيث تضاعفت أكثر من أربع مرات في العام الماضي وبيعت إلى أكثر من 70 بلدا.
لكن أسهمها المدرجة في بورصة شنجن انخفضت 45 في المائة عن ذروتها في 2022، ما دفع التقييمات إلى الانخفاض إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد. عند 15 ضعفا فقط من الأرباح الآجلة، يتم تداول أسهمها بجزء صغير فقط مما يزيد على 170 ضعفا الذي بلغته في 2021 وبخصم كبير مقارنة بأقرانها بما في ذلك شركة تسلا. يمثل هذا تحولا كبيرا عن جنون المستثمرين الأجانب في أسهم المركبات الكهربائية الصينية في 2020، عندما كان شراء أسهم "بي واي دي" يوفر عوائد مشابهة لتلك التي حققتها شركة تسلا.
حقيقة، هناك ما يدعو إلى القلق. فقد ازدادت حروب الأسعار خطورة في موطنها. ومع قيام شركة تسلا بتخفيض الأسعار في الصين، اضطرت شركة بي واي دي إلى زيادة الخصومات لمواكبة ذلك. تباطأت وتيرة نمو المبيعات في العام الماضي.
تعتبر حرب الأسعار ضارة بشكل خاص لشركة بي واي دي نظرا لنسبتها العالية نسبيا من السيارات الصغيرة، مثل طراز إي في سيجال المدمج الذي تبلغ قيمته 11 ألف دولار، من إجمالي مبيعاتها. وهذا يعني أن متوسط سعر بيع المركبات الكهربائية أقل بالفعل من نظيراتها مثل شركة تسلا.
المشكلة في حرب الأسعار الدائرة في موطنها هي أن شركة بي واي دي تحقق أكثر من 90 في المائة من مبيعاتها في الصين. لم تتمكن شركة بي واي دي، إلى جانب الشركات المصنعة الصينية الأخرى، من تكرار نجاحها في الأسواق الخارجية الكبرى الأخرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا. التحقيق الذي يجريه الاتحاد الأوروبي بشأن مكافحة الدعم الحكومي في المركبات الكهربائية صينية الصنع ومخاطر التعريفات الجمركية يمكن أن يؤثر في آفاق النمو هنا.
يشكل المنافسون غير المتوقعين خطرا آخر. كان المنافسون الأصغر والأحدث مثل شركتي إكس بينج ولي أوتو مع الأفضلية في سباق تطوير البرمجيات قد قاموا بالفعل بتقليص حصتها في السوق عبر تقديم ميزات متصلة وذكية في مركباتهم الكهربائية. لكن الآن، ينضم عمالقة التكنولوجيا مثل شياومي وهواوي أيضا إلى السوق، مجهزين بتكنولوجيا القيادة الذاتية، وهو مجال تزيد بكين دعمها فيه.
لكن رغم أن هذه المشكلات حادة بشكل خاص بالنسبة إلى شركة بي واي دي، إلا أنها لا تقتصر على الشركة. تواجه أي شركة مصنعة للمركبات الكهربائية تنضم إلى السوق الآن مهمة عاجلة تتمثل في أن تصبح مصنعة سيارات بأعداد كبيرة. ونظرا للتكلفة المرتفعة لأجزاء المركبات الكهربائية، فإن زيادة حصة السوق أمر بالغ الأهمية للوصول إلى نقطة التعادل. لقد أصبحت القدرة على خفض تكاليف الإنتاج ذات أهمية متزايدة.
وهنا، تتمتع شركة بي واي دي بميزة على منافسيها. حيث تأسست كشركة مصنعة للبطاريات في 1995، وتكمن قوتها في تصنيع البطاريات على نطاق واسع. وفي المركبات الكهربائية، تعتبر البطارية العنصر الأكثر تكلفة إلى حد بعيد.
يقدم نموذج أعمالها المتكامل رأسيا بالكامل، الذي يتضمن كل شيء بدءا من امتلاك مناجم الليثيوم إلى تصنيع الرقائق داخليا، نظرة جديدة على طريقة الإنتاج "في الوقت المناسب لصناعة السيارات. ولا يضمن هذا النموذج وجود سلسلة توريد مستقرة فحسب، بل ويضمن استقرار الأسعار.
الآن، مع بدء بناء مصنع لبطاريات أيونات الصوديوم في الصين، من المفترض أن تتسع هذه الميزة على المنافسين. من شأن البطارية التي تستخدم الصوديوم، وهي أرخص وأكثر وفرة من الليثيوم، أن تخفض سعر خلية البطارية بنحو 40 في المائة.
عيوب بطاريات أيونات الصوديوم، التي تشمل كثافة طاقة أقل ودورة حياة أقصر مقارنة بنظيراتها من الليثيوم، تعني أنه من غير المرجح أن تحل محل بطاريات الليثيوم بالكامل في أي وقت قريب. لكن مع بناء شبكات الشحن العامة، ستصبح البطاريات طويلة المدى ذات أولوية أقل، ما يفتح سوقا للمركبات الكهربائية الأرخص التي تعمل ببطاريات أيون الصوديوم، وهي السوق التي تتمتع فيها شركة بي واي دي بميزة الريادة.
على المدى القصير، تتمتع شركة بي واي دي بوضع جيد يسمح لها بالتغلب على التحديات التي تواجهها أثناء توسعها في الخارج. ارتفعت هوامش الربح الإجمالية 60 في المائة إلى 19 في المائة خلال العامين الماضيين. إن مجموعة واسعة من نقاط السعر لنماذجها - من نموذج سيجيل إلى سيارة سيدان سيل الكهربائية، التي أطلقتها في أوروبا بسعر يبدأ من 49,200 دولار - ينبغي أن تبدأ في جذب جمهور أوسع. التعزيز في الداخل، حيث تدعم بكين الصناعة بعد تقديم موعد هدفها المتمثل في جعل السيارات الخضراء تشكل 45 في المائة من جميع مبيعات السيارات الجديدة بحلول ثلاثة أعوام حتى 2027، سيساعد أيضا.
أدت سلسلة من حالات إفلاس شركات صناعة المركبات الكهربائية الصينية العام الماضي إلى بدء حقبة جديدة لهذه الصناعة، ستهيمن فيها مجموعة من الشركات التي تتمتع بإمكانية الوصول المستقر إلى البطاريات منخفضة التكلفة. وفي الوقت الحالي، تتمتع شركتا تسلا وبي واي دي، من بين شركات القطاع القليلة التي نجحت في تجاوز نقطة التعادل، بأفضل الإمكانات. حيث إن المركبات الكهربائية تشكل أقل من خمس مبيعات السيارات العالمية، فلا يزال هناك مجال للنمو.