«السينما السعودية» .. هل يهدد العزوف الجماهيري ربحيتها بعد انطلاقة قوية؟
تصدرت قضايا حظر السينما وقيادة المرأة للسيارة في السعودية القضايا الاجتماعية الأكثر جدلا طوال عقود وكتب عنها عديد من الأدباء والمفكرين والكتاب حتى ميلاد رؤية السعودية 2030.
وما بين الاحتفاء بأول فيلم روائي سعودي جرى تصويره في السعودية "وجدة" للمخرجة هيفاء المنصور واحتفت به الأوساط الثقافية والفنية عند صدوره عام 2013 وكان الأول ترشيحا لجوائز الأوسكار وفيلم "بين الرمال" للكاتب والمخرج محمد العطاوي الذي يعد أول فيلم تم تصويره في مدينة الحلم "نيوم" يحكي أسطورة "مخاوي الذيب" وعرض أخيرا في صالات السينما، ثمة تساؤلات حول دوافع وأسباب تراجع مبيعات قطاع السينما في السعودية.
صالاتها المنتشرة في أرجاء المدن والمحافظات، تشهد عزوفا قد يهدد استمراريتها وربحيتها بعد عشرة أعوام من ميلاد "وجدة"، حين كانت جهات رسمية تبحث منح الضوء الأخضر للفن السابع بعد فترة حظر طويلة استمرت أكثر من ثلاثة عقود.
وجاءت فترة التوهج والانطلاقة القوية للدور السينمائية السعودية بعد افتتاح أولى دور العرض منتصف أبريل 2018 حيث ازداد مرتادوها أثناء فرض الإجراءات الاحترازية للوقاية من انتشار "كورونا"، وبيعت نحو 6.6 مليون تذكرة عام 2020 وفقا لتقرير صادر عن وزارة الثقافة استنادا إلى بيانات الهيئة العامة لتنظيم الإعلام.
ويتساءل المهتمون بالفن السابع عن التحديات التي يواجهها القطاع ويعزوه مختصون إلى تعدد وتنوع الفعاليات الفنية والثقافية والترفيهية والرياضية وغيرها، وانتعاش وازدهار المنصات الرقمية كـ "نتفليكس" و"شاهد" وغيرها، واتجاه عديد من رواد هذا الفن إلى تخصيص وتجهيز غرف سينمائية داخل منازلهم بأسعار تنافسية وفق تقنيات متطورة عازلة للأصوات بإضاءات حديثة ومزايا توفرها أفضل الصالات.
على صعيد الأرقام، شهدت إيرادات صالات السينما السعودية انخفاضا بنسبة 1.8 في المائة خلال عام 2023 حيث تجاوزت 888 مليون ريال، بينما سجلت عام 2022 نحو 905 مليون ريال مرتفعة بنسبة 9.47 في المائة عن عام 2021 الذي سجلت فيه نحو 874 مليون ريال.
ووفقا لإحصاءات الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، عرضت دور السينما 432 فيلما من مختلف دول العالم خلال عام 2023 وباعت صالات السينما أكثر من 17 مليون تذكرة مقارنة بـ14.3 مليون تذكرة عام 2022.
مستثمرون في القطاع أقروا بالتحديات التي تواجهه لا سيما زيادة تكاليفه التشغيلية وتنافسيته العالية، حيث تشكل مبيعاتهم من الأغذية جزءا كبيرا من أرباح النشاط مقارنة بمبيعات التذاكر منها "الفشار" وفقا لأحد كبار مستثمري القطاع في لقاء تلفزيوني، "الاقتصادية" فيما اعتذرت هيئة الأفلام عن الرد بخصوص التحديات التي تواجه القطاع.
وتعليقا على ذلك قالت لـ "الاقتصادية" هناء العمير رئيس مجلس إدارة جمعية السينما السعودية "لا أتوقع أبدا أنه عزوف جماهيري ولكن كثرة الفعاليات ستسحب بالتأكيد جزءا من جمهور السينما إلى الفعاليات الأخرى".
وأوضحت رئيس جمعية السينما أن هذا العام لم يكن من أفضل الأعوام إنتاجا على مستوى العالم نتيجة إضراب الكتاب في هوليوود، وأضافت أعتقد من المهم أيضا التنويع في الأفلام المعروضة لماذا لا نرى أفلامًا فرنسية وإسبانية مثلا وكذلك كورية ويابانية؟ نحن نعرف تزايد جمهور السينما الكورية وبالتالي المطلوب من المشغلين أن يكونوا أكثر إبداعا في تنوع الأفلام وتجارب المشاهدة.
بدوره عزا خالد الباز مدير جمعية الثقافة والفنون في السعودية في حديثه إلى "الاقتصادية" ضعف الإقبال الذي تشهده عدد من الصالات السينمائية إلى عاملين رئيسين الأول تعدد وتنوع خيارات المشاهد للمنصات الرقمية المحلية والعالمية التي حققت أرقاما مذهلة وسجلت نسب مشاهدات عالية حيث طال تأثيرها الصالات السينمائية في دول الخليج ودول عربية وأجنبية، ثانيا العامل الزمني وتزامن توقيت العروض مع البرامج الأخرى المنافسة كالفعاليات الترفيهية والثقافية والفنية والرياضية والمواسم.
وأضاف مدير الثقافة والفنون أن قطاع السينما في السعودية تقدم بخطوات في البنية التحتية من حيث استحداث برامج ومبادرات لتدريب وتأسيس صناعة للسينما وسوق عمل ويحتاج مزيدا من الوقت حتى يصبح منافسا عالميا ويؤسس لشركات إنتاج محلية على مستوى عال من الجودة.