الهند ترسي قواعدها الاقتصادية لتجاوز اليابان وألمانيا فما عوامل القوة الضامنة للاستدامة؟

الهند ترسي قواعدها الاقتصادية لتجاوز اليابان وألمانيا فما عوامل القوة الضامنة للاستدامة؟
تحتل اليوم المرتبة الخامسة بناتج محلي يصل إلى 3.7 تريليون دولار. "رويترز"
لعقود انتمت الهند لقائمة البلدان الفقيرة، لكن المشهد المتغير للاقتصاد العالمي يجعلها تقف اليوم منارة واعدة بقدرتها على رفع مستوى معيشة سكانها، وتبوء مكانة مرموقة في الاقتصاد الدولي، والقيام بدور حاسم في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي. ترسي الهند القواعد لتتجاوز اليابان وألمانيا، لتكون ثالث الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030 ودولة متقدمة بحلول عام 2047، ما يشكل نموذجا للتنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، فالهند أكبر دول العالم سكانا بعد أن تجاوزت الصين، وباتت محركا رئيسا للنمو العالمي، وأسهمت بنسبة 16 في المائة من نمو الاقتصاد الدولي العام الماضي، بينما بلغ معدل النمو 7.2 في المائة، لتكون ثاني أعلى معدل نمو بين دول مجموعة العشرين تلك القفزة الاقتصادية تدفع للتساؤل عن أسباب النجاح وعوامل القوة الضامنة للاستدامة؟ هنا يرى بروس سميث أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة لندن، أن جوهر النجاح يكمن في تحويل نقاط الضعف لنقاط قوة لخلق منصة للانطلاق الاقتصادي. وقال لـ"الاقتصادية" إن "التزايد المستمر في عدد السكان كبح النمو لعقود، ومع اتساع نطاق الطبقة المتوسطة وزيادة معدلات التعليم، والتحول من اقتصاد مغلق إلى الاقتصاد الحر في أوائل التسعينات، وزيادة الاندماج في الاقتصاد العالمي، ونمو الاستهلاك المحلي، وارتفاع الدخل والتوسع الحضري وتغير أنماط الحياة والوعي عوامل غذت النمو الاقتصادي". قبل عشر سنوات، كانت الهند عاشر أكبر اقتصاد في العالم بناتج محلي 1.9 ترليون دولار، اليوم تحتل المرتبة الخامسة بناتج محلي يصل إلى 3.7 تريليون دولار، وفي غضون ثلاث سنوات سيقفز ناتجها المحلي الإجمالي إلى خمسة تريليونات دولار، وبنهاية العقد تطمح أن يصل إلى سبعة تريليونات دولار. من جانبه، يتوقع الخبير الاستثماري إل. دي. ماكس نموا كبيرا في أسواق الأسهم الهندية، وعوائد بالدولار تتجاوز 10 في المائة على مدى السنوات الخمس المقبلة، مشيرا إلى الزيادة الكبيرة في الاستثمارات الأجنبية لتصل إلى نحو 85 مليار دولار عام 2022. وقال لـ"الاقتصادية" إن "الإصلاحات البنيوية عززت صمود الهند الاقتصادي وضمنت ديمومة التفوق، فالاستثمارات الضخمة في مجال البنية التحتية والاتصالات، ومشاريع التنمية التي تقودها الموانئ والمدن الذكية، وفتح الأبواب للقطاع المالي، ودعم أنشطة الشركات الصغيرة، حولت المشهد الاقتصادي". وأضاف، منذ عقدين ونيف أرست الهند أساسا متينا للاقتصاد الرقمي، ومع ازدهار صناعة التكنولوجيا أصبحت مركزا رئيسا للابتكار والخدمات التكنولوجية، فتعزز النمو، وباتت لاعبا رئيسا في تشكيل مستقبل الاقتصاد الرقمي. رحلة الهند الاقتصادية منحتها مرونة للتعامل مع الصدمات العالمية، ومع استمرار عملية الإصلاح فإن هدفها أن تصبح دولة متقدمة بات قابلا للتحقيق، لكن المضي قدما لتحقيق طموحاتها يتطلب استراتيجية لتحقيق التوازن الدقيق بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، بما يعنيه ذلك من إصلاحات أوسع نطاقا لسوق العمل والتنمية البشرية ومعالجة بطالة الشباب. بدورها، ذكرت لـ"الاقتصادية" الدكتورة كريستين ماثيو أستاذة الاقتصاد الأوروبي في جامعة كامبريدج، أن "نمو الهند سيعتمد على انتقالها الناجح من اقتصاد يهيمن عليه قطاع الخدمات إلى اقتصاد يقوده التصنيع، فحصة التصنيع من الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 18 في المائة، بينما يسهم قطاع الخدمات بأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي، وهناك حاجة لرفع مهارات العمالة وزيادة مشاركة الاناث، فنحو 53 في المائة من السكان تحت سن الثلاثين". وأضافت "تغير البيئة الاقتصادية في الهند من اقتصاد يقوده القطاع العام لنمو اقتصادي بقيادة القطاع الخاص، عزز الشراكات الاقتصادية بين الهند والدول الأخرى، فالتحول يكشف مدى نضج اقتصاد السوق لديها، ما يزيد من جاذبيتها في أعين المستثمرين الدوليين".

الأكثر قراءة