مراقبة الدولار وحيرة الأسواق
جاءت بيانات التضخم الأمريكية لشهر فبراير صادمة لكثير من المستثمرين، حيث صعد مؤشر أسعار المستهلكين الرئيس في الولايات المتحدة على أساس سنوي عن شهر فبراير بنسبة 3.2% وأعلى من القراءة السابقة التي سجلت 3.1%، وكذلك أعلى من توقعات الأسواق التي كانت تشير إلى بقائه دون تغيير، ما يمنح الفيدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير لفترة أطول، بينما لا تزال أغلب التوقعات تشير إلى بدء الفيدرالي بعمليات الخفض باجتماعه المقبل في يونيو، لكن حتى هذه التوقعات يمكن أن تتغير، لأنها مرهونة بالبيانات التي ستصدر إلى ذلك الحين، حيث لا تزال معركة الفيدرالي ضد التضخم حامية الوطيس رغم تراجعه بنسبة 70% عما كانت عليه منذ أعلى قمة حققها فوق 9%.
من جانب آخر عززت بيانات التضخم من ارتداد مؤشر الدولار من 102.35وعودته مرة أخرى أعلى 103، في حين شهد مؤشر الدولار هبوطا بأكثر من نقطتين ونصف بعد تحقيقه 105 منذ منتصف فبراير الماضي، ويؤثر ارتداد الدولار سلبا في الأسهم والسلع. من جهة أخرى واصل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ارتفاعاته، حيث ارتفع 16 أسبوعا من الأسابيع الـ18 السابقة، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ 1971، محققا رقما جديدا عند 5189 نقطة، كما ارتفع مؤشر الداو جونز أيضا لقمم تاريخية جديدة حقق فيها 39289 نقطة، بينما ارتفع مؤشر الناسداك لقمم تاريخية جديدة عند 16450نقطة متجاوزا قمته عند 16200 التي حققها في نوفمبر 2021.
ولم تقتصر علميات تسجيل قمم تاريخية جديدة على مؤشرات الأسواق الأمريكية الثلاثة، فقد استطاع المعدن الأصفر -الذهب- تجاوز قمته التاريخية عند 2146 دولارا للأونصة، محققا رقما جديدا عند 2195 دولارا، ومن المرجح أن يعود الذهب إلى إعادة اختبار قمته السابقة مع ارتداد مؤشر الدولار الذي يضغط على أسعار الذهب، لكن ذلك لن يغير من مسار الذهب الصاعد الذي يستهدف تجاوز 2250 على المدى المتوسط.
وفيما يتعلق بأسعار النفط لا يزال خام برنت يحاول تجاوز مقاومة 84 دولارا للبرميل، ومع صدور تقرير منظمة أوبك الشهري الثلاثاء الماضي فقد يعزز ذلك من تجاوز خام برنت للمقاومة المذكورة، حيث أبقت منظمة أوبك على تقديراتها بشأن نمو الطلب العالمي على النفط، لكنها في الوقت ذاته رفعت توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري 2024 بمقدار 0.1%.
ومن جانب آخر وفيما يتعلق بالسوق السعودية لا تزال السوق تتداول بالقرب من منطقة مقاومة عند 12670 نقطة، ولكن من الملاحظ أنها تشهد ارتفاع بمعدلات السيولة عند الانخفاض، بينما تقل معدلاتها عند الارتفاع، ما يشير إلى أن السوق تشهد حيرة بين البائعين والمشترين، خاصة مع انتهاء الشركات القيادية من إعلان نتائجها التي كانت شركة أرامكو آخرها، حيث أعلنت "أرامكو" انخفاض أرباحها إلى 452.5 مليار ريال (-24%) بنهاية 2023 مقارنة بأرباح 597.2 مليار ريال تم تحقيقها خلال الفترة نفسها عام 2022، وعزت الشركة ذلك إلى تأثير انخفاض أسعار النفط الخام والكميات المبيعة، وضعف هوامش أرباح أعمال التكرير والكيميائيات، وختاما من المهم متابعة الدولار، حيث إن تجاوزه الـ104 قد يكون سببا في تراجع الأسواق بعد سلسلة من الارتفاعات الكبيرة.