من هم الأفضل لقيادة شؤون الاقتصاد الأمريكي ؟
في ظل الرئيس جو بايدن، كان أداء الاقتصاد الأمريكي أفضل بكثير مما توقعه معظم المراقبين. ومع ذلك، يبدو أن الناخبين لا يدركون هذا الأمر، وهي معضلة واضحة نوقشت كثيرا في الآونة الأخيرة. والواقع أن هذا الانفصال بين التصور الشعبي والأداء الاقتصادي ليس بالأمر الجديد. فمنذ الحرب العالمية الثانية، دائما ما كان أداء الاقتصاد الأمريكي يتحسن في ظل الإدارات الديمقراطية، ومع ذلك فإن نسبة كبيرة من الأميركيين - بل ربما حتى الأغلبية منهم - تعتقد أن الجمهوريين هم الأفضل من ناحية الإشراف الاقتصادي.
وللوهلة الأولى، قد يبدو الرأي القائل إن أداء الاقتصاد دائما ما يكون أفضل في ظل حزب واحد وكأنه نوع من الادعاء الحزبي الذي يبعد كل البعد عن أن يكون منطقيا، والذي لا يستحق أن يدقق فيه المرء. بيد أي شخص فعل ذلك - لقد جرى تجميع البيانات الإحصائية ذات الصلة من قبل، وشاركت في ذلك - سيخلص إلى أن ما قيل هو عين الصواب.
في الفترات الرئاسية الـ19 التي مضت منذ الحرب العالمية الثانية ـ من عهد هاري ترومان إلى عهد بايدن - بلغ متوسط توفير الوظائف 1.7 % سنويا في ظل الإدارات الديمقراطية، مقارنة بنحو 1 % في ظل الحزب الجمهوري. وكان الفارق في نمو الناتج المحلي الإجمالي أكبر: 4.23 % في ظل رئاسة الديمقراطيين، مقابل 2.36 % فقط في عهد الجمهوريين. وخلال أزمة الكساد الأعظم التي حدثت خلال ثلاثينيات القرن الـ20، في ظل إدارتي الجمهوري هربرت هوفر والديمقراطي فرانكلين روزفلت، فإن الفارق بينهما في معدلات النمو كان أكبر.
وحتى أولئك الذين يعتقدون أن الديمقراطيين ينتهجون سياسات اقتصادية أفضل من الجمهوريين، عموما، يجدون صعوبة في تفسير مثل هذا الفارق الكبير في الأداء. ففي نهاية المطاف، يؤثر عديد من العوامل القوية التي لا يمكن التنبؤ بها في الأداء الاقتصادي، وغالبا ما يكون تأثيرها أكبر بكثير من تأثير أي أدوات سياسية أخرى تخضع لسيطرة الرئيس.
وفضلا على ذلك، يستغرق الأمر أكثر من أربع أو حتى ثماني سنوات قبل أن تتحقق آثار عديد من السياسات، سواء كانت إيجابية أو سلبية. فعلى سبيل المثال، يستحق جيمي كارتر أن ينسب له كثير من الفضل في تعيين بول فولكر رئيسا للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في عام 1979، حيث فوضت له مهمة التصدي للتضخم. وساعد تراجع التضخم الذي أعقب ذلك على تمهيد الطريق للاعتدال العظيم على مدى 20 سنة مضت بعد تعيينه.
إن جميع حالات الركود الخمس الأخيرة حدثت في ظل رئيس جمهوري معين: رونالد ريغان، وجورج بوش الأب، وجورج دبليو بوش (مرتين)، ودونالد ترمب. (إذا راودتك الشكوك بخصوص هذا الأمر، يمكنك التحقق من التسلسل الزمني بنفسك). وإذا كانت الاحتمالية الحقيقية لبداية الركود هي نفسها، سواء تولى رئاسة البيت الأبيض الديمقراطيون أو الجمهوريون، فإن احتمالات الحصول على هذه النتيجة عن طريق الصدفة ستكون ضئيلة جدا.
وماذا لو رجعنا أكثر إلى الوراء؟ لقد شهدت الولايات المتحدة 17 حالة ركود في القرن الماضي. بدأت 16 منها عندما كان عضو جمهوري واحد في البيت الأبيض.
إذن، فنحن نعلم أن أداء الاقتصاد كان أسوأ في عهد الرؤساء الجمهوريين، وأن هذا لم يكن بمحض صدفة. وما لا نعرفه حتى الآن هوالأسباب الحقيقية وراء كون الرؤساء الديمقراطيين أفضل في هذا الصدد. إن هذا الأمر لا يزال لغزا كبيرا.
خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكت 2024