الذهب والأسواق وأثر خفض الفائدة

ارتفع المعدن الأصفر - الذهب - إلى مستويات تاريخية وبسلسلة ارتفاعات قياسية، حيث ارتفعت أسعار الذهب نحو 15 % منذ مطلع العام الجاري، ليحقق الذهب قمة جديدة عند 2365 دولارا لسعر الأونصة في تداولات يوم الثلاثاء الماضي، هذه الارتفاعات المتواصلة للذهب كانت مدعومة في المقام الأول من زيادة البنوك المركزية حيازتها للمعدن الأصفر، حيث رفعت حصتها من احتياطياتها من الذهب بنحو 19 طنا لتواصل عملياتها الشرائية للشهر التاسع على التوالي، بينما نفدت 25 % من الاحتياطيات التي حازتها خلال العامين الماضيين فقط، وذلك من أصل 7800 طن، فيما كانت الصين من أكثر الدول التي استمرت في شراء الذهب لتدخل في الشهر الـ16 على التوالي مواصلة رفع حيازتها من الذهب، ومتجاوزة 2250 طنا من احتياطياتها من الذهب.

يرجع البعض إقبال البنوك المركزية على الشراء المتواصل للذهب منذ عامين وحتى الآن إلى الحرب الروسية - الأوكرانية ومحاولة الغرب حظر روسيا وعزلها عن العالم اقتصاديا، في محاولة غربية أوروبية لعقاب روسيا بسبب تدخلها في أوكرانيا، كذلك محاولة بعض الدول استبدال احتياطياتها من سندات الخزانة الأمريكية بالذهب، حيث يعد كلاهما مسعرا بالدولار، بينما يرى البعض أن ضعف الدولار مستقبلا سيعزز من قيمة الذهب على المدى الطويل، أيضا توقعات الأسواق لخفض الفائدة على المدى المتوسط سيمنح الذهب كثيرا من الدعم.

وبينما تعددت الأسباب والآراء خلف ارتفاع أسعار الذهب وبشكل متواصل إلا أنه من الناحية الفنية يظهر أن الذهب لا يزال يتمتع بالزخم الصاعد رغم حاجة الذهب إلى بعض التهدئة لاختبار مناطق القمم التي تجاوزها وإعادة اختبارها كمناطق دعم مستقبلا، حيث إن ذلك يمنح المستثمرين مزيدا من الثقة على المدى الطويل، بينما مواصلة الارتفاع دون توقف قد تكون لها عواقب قاسية في حال تأخره، بينما استمرار الصعود بهذه الوتيرة دون توقف معتبر ربما يكون مدفوعا باحتمالية توقعات أحداث مفاجئة، حيث أثبت الذهب سابقا أن ارتفاعاته القياسية تسبق بعض الأحداث الاقتصادية كالأزمات أو الركود أو ربما حتى الصراعات السياسية كما حدث أخيرا بين روسيا وأوكرانيا.

من جهة أخرى بدأت الأسواق ربعها الثاني من العام ببعض الارتفاعات بعد عمليات جني أرباح تعد بسيطة مقارنة بالأرقام التاريخية المحققة، خاصة من مؤشرات الأسواق الأمريكية التي حققت قمما تاريخية، بينما تشير بعض بيوت الخبرة إلى استمرار الارتفاعات مستقبلا، حيث جاء في مذكرة نشرها جولدمان ساكس يوم الخميس الماضي أنه يتوقع ارتفاع إعادة عمليات شراء الأسهم الأمريكية من قبل الشركات المدرجة إلى مستويات قياسية لتتجاوز تريليون دولار العام المقبل للمرة الأولى، نتيجة لارتفاع أرباح شركات التكنولوجيا، التي تعد قيادية ومؤثرة في حركة السوق، وأن ترتفع قيمة عمليات إعادة شراء الشركات المدرجة لأسهمها هذا العام بنسبة 13 % لتصل إلى 925 مليار دولار.

كذلك بالنسبة إلى السوق السعودية، فعلى المدى الطويل إن المعطيات الإيجابية التي تعزز من صعودها تعد متنوعة بين ارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت الـ90 دولارا للبرميل أخيرا، وبين زيادة الإنفاق الحكومي، واستمرار تدفق السيولة الأجنبية للسوق التي تجاوزت حاجز الـ400 مليار ريال ولا تزال مستمرة، إضافة إلى تعدد القطاعات وارتفاع عدد الشركات والصناديق وكذلك أعداد المستثمرين، من شأنها أن تنعكس على السوق مستقبلا، فضلا عن التوقعات بخفض الفائدة خلال النصف الثاني من العام الجاري، التي تنعكس إيجابا على عموم الأسواق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي