نضوب البوتاسيوم يهدد إنتاج العالم للغذاء .. سوق بـ 15 مليار دولار أشبه ببوليصة تأمين ضد الجفاف والآفات

نضوب البوتاسيوم يهدد إنتاج العالم للغذاء .. سوق بـ 15 مليار دولار أشبه ببوليصة تأمين ضد الجفاف والآفات
يتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي من البوتاسيوم إلى 69 مليون طن في عام 2025. "رويترز"
تعاني التربة الزراعية في جميع أنحاء العالم، نقص البوتاسيوم، وهو عنصر غذائي رئيس وضروري للنباتات. هذا النقص يهدد قدرة البشرية على زراعة ما يكفي من المحاصيل لجميع سكان الأرض. وتفاقمت المشكلة بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية وبصماتها السلبية على المعروض العالمي. ووفقا لبعض الدراسات فإن نحو 20 % من التربة الزراعية العالمية تواجه نقصا حادا في البوتاسيوم، ومناطق معينة تواجه نقصا أكثر خطورة. فنقص البوتاسيوم في التربة في جنوب شرق آسيا 44 %، و39 % في أمريكا اللاتينية، و30 % في منطقة الصحراء الكبرى و20 % في شرق آسيا. الدكتور جون سبيلر أستاذ زراعة المحاصيل في جامعة غلاسكو يعلق لـ"الاقتصادية" قائلا: "البوتاسيوم بالغ الأهمية للإنتاج الزراعي، ويعتمد المزارعون عليه لتجديد حقولهم، لكن سعر المعدن متقلب للغاية". ويضيف: "إنتاج البوتاس يتسم بالتركز في 12 دولة تهيمن على السوق، التي تبلغ قيمتها نحو 15 مليار دولار أمريكي. روسيا وبلاروسيا وكندا والصين ينتجون معا 80 % من إجمالي البوتاس الخام في العالم، بينما تصدر روسيا وبيلاروسيا 42 % من الإمدادات العالمية، وعلى الرغم من عدم فرض عقوبات مباشرة على البوتاس الروسي، فإن القيود المفروضة على الأعمال المصرفية والشحن أثرت على الإمدادات". في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية ارتفعت أسعار البوتاس بنسبة 500 %، وتعطلت الإمدادات العالمية، منذ ذلك الحين انخفضت الأسعار بنحو 50 %، لكنها لا تزال مرتفعة بنحو 28 % مقارنة بالسنوات العشر السابقة لهذه الحرب، وتتنامى مخاوف المزارعين بعدم التمكن من الإيفاء باحتياجاتهم للحفاظ على الإمدادات الغذائية العالمية. تتصاعد أصوات الخبراء المطالبة بوقفه دولية للتصدي للمشكلة. جاستين مادرس الاستشاري السابق في منظمة الأغذية والزراعة العالمية "الفاو" يقول لـ"الاقتصادية": إن "هناك حاجة لإدارة أفضل لسوق البوتاسيوم العالمي وضرورة إنشاء آلية تنسيق حكومية دولية قوية، حيث لا توجد حاليا سياسات أو لوائح وطنية أو دولية تحكم الإدارة المستدامة لبوتاسيوم التربة على غرار الأنظمة التي يتم إنشاؤها لمغذيات المحاصيل الحيوية الأخرى مثل النيتروجين والفوسفور". ويضيف: "هناك حاجة ماسة لإعداد تقييم عالمي لمخزونات وتدفقات البوتاسيوم لتحديد البلدان والمناطق المعرضة للخطر، وعلينا ترشيد الاستخدام وزيادة إعادة الاستخدام وإعادة تدوير المغذيات". في عام 2021 وصل استهلاك البوتاس العالمي إلى 45 مليون طن، ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي إلى نحو 69 مليون طن في عام 2025، وإلى 76.7 مليون طن بحلول عام 2026، وربما تكون كندا المستفيد الأكبر من نقص المعروض العالمي، فحصتها 30 % من الإنتاج العالمي، وتخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية، فارتفاع أسعار عدد من المحاصيل الزراعية شجع المزارعين على تعظيم العائد وزيادة الطلب على الأسمدة. وحول مستقبل الطلب يعلق الباحث الزراعي كيم جرين لـ"الاقتصادية" قائلا: "يعد التنبؤ بحجم الطلب على البوتاس في أي سنة أمرا صعبا، لأنه أكثر تقلبا مقارنة بكل من الأسمدة المعتمدة على النيتروجين والفوسفات، فالبوتاسيوم أشبه ببوليصة تأمين ضد الجفاف والآفات والأمراض، والمشكلة أنه ليس له بدائل، ما يجعله أقل حساسية للسعر على المدى الطويل". ويضيف: "البوتاس سيلعب دورا مهما مستقبلا وسيزداد الطلب عليه، إذ إن العالم يواجه محدودية في الموارد، فمعدل توسع الأراضي الصالحة للزراعة آخذ في الانخفاض حتى مع توقع نمو السكان، وسيتعين على المزارعين الاستفادة لأقصى حد من الأراضي الزراعية المتاحة، ما سيجبرهم على زيادة الطلب على البوتاس كثيرا".

الأكثر قراءة