حقبة جديدة من أسعار الفائدة المرتفعة

حقبة جديدة من أسعار الفائدة المرتفعة

تتزايد الأدلة كل يوم على أن الولايات المتحدة تمر بتغير طويل الأمد نحو ارتفاع متوسط أسعار الفائدة.
منذ نحو 15 عاما، اعتاد المستثمرون وقادة الأعمال والحكومات والمستهلكون على تكاليف اقتراض منخفضة تاريخيا. أدت التكلفة المنخفضة غير المعتادة للأموال خلال هذه الفترة إلى رفع قيمة الأصول بشكل متزايد وأصبح المشاركون في الاقتصاد أكثر استدانة، وفقا لـ"فوربس".
عند مراقبة سعر الفائدة على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات على مدار الـ 54 عامًا الماضية، يتبين أن السنوات العشر الأخيرة هي الحالة الشاذة من حيث الفائدة المنخفضة. انخفضت الفائدة أحيانا إلى أقل من 4 % بين 1962 و2008. ومنذ 2008، ظلت أقل من 4 % حتى أواخر 2022.
منذ يونيو 2022، عندما وصل التضخم على أساس سنوي إلى ذروة زادت قليلاً على 9 %، عاد وانخفض بشكل مطرد وتراجع لفترة قصيرة إلى أقل من 3 %. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، بدأ اتجاها نحو الصعود وهناك دلائل على استمرار ذلك. وعلى أقل تقدير يبدو أنه سيظل أعلى كثيرا من المعدل المستهدف، البالغ 2 %.
تؤثر توقعات التضخم في أسعار الفائدة طويلة الأجل لأن المقرضين يطلبون أسعار فائدة أعلى عندما يكون ارتفاع التضخم متوقعا، لحماية قيمة مدفوعات الفائدة من الانخفاض. لا يستطيع الاحتياطي الفيدرالي أن يفعل الكثير لاحتواء أسعار الفائدة الأطول أجلاً، لأن العرض والطلب يدفعان الفائدة، وبالتالي الأسعار، وليس السياسة النقدية.
يمتلك الاحتياطي الفيدرالي أداة واحدة لتخفيف أسعار الفائدة طويلة الأجل، تتمثل في شراء سندات بحجم كبير بما يكفي لخفض الأسعار، وهي أداة استخدمها بشكل شبه مستمر منذ الأزمة المالية. والمشكلة في بدء شراء السندات مرة أخرى هي أن أسعار الأصول من المرجح أن تستمر في ارتفاعها السريع، ما يزيد من تحفيز الاقتصاد والتضخم.
في الواقع الاحتياطي الفيدرالي مقيد. على المدى الطويل، يجب أن يهدأ الاقتصاد وينخفض الطلب ويستقر نمو الأجور أو يتراجع عن المستويات الحالية، كي يتسنى له السيطرة على التضخم. ومن المحتمل أن لا تتحقق هذه الأهداف من خلال البدء في شراء السندات، ما يترك السندات الأطول أجلا تنجرف إلى أعلى، أو تبقى عند مستويات مكلفة جدا على المقترضين.
كذلك لا يستطيع الاحتياطي الفيدرالي التحكم في الإنفاق الحكومي. الآن يتجاوز عجز الإنفاق 6 % من الناتج المحلي الإجمالي السنوي ويتجه نحو 7 % في 2024. هذا المستوى من الإنفاق يشكل حافزا مباشرا للاقتصاد لأن الشركات تستفيد مباشرة من برامج الإنفاق الكبيرة التي أطلقتها الحكومة. ويعمل الاقتصاد فوق طاقته، ما يدفع الأسعار (التضخم) إلى الارتفاع وبالتالي تحييد السياسة النقدية المصممة للسيطرة على ارتفاع التضخم.
في حين تشير قوى الاقتصاد الكلي الرئيسة إلى أسعار فائدة أعلى لفترة أطول، فإن التغيير الطويل الأمد يحدث ببطء. من المرجح أن تتأرجح الفائدة متجهة إلى متوسط أعلى مع مرور الوقت. وبطبيعة الحال، يمكن أن يكون في جعبة الاحتياطي الفيدرالي مفاجآت دائما ـ في الواقع يجب على المستثمرين أن يتوقعوا ذلك. لكن أسعار الفائدة الطويلة الأجل أقل خضوعا لسيطرة السياسة النقدية، وستكون هناك حاجة إلى إنفاق كبير وإصلاحات ضريبية، فضلا عن استقرار التضخم بالقرب من المستوى المستهدف، من أجل تخفيف أسعار الفائدة على المدى الطويل.
لا ينبغي للمستثمرين أن يغضوا الطرف عن الاحتمال المتزايد لدخول الولايات المتحدة في عصر ارتفاع أسعار الفائدة وتأثيرات ذلك في الاستثمار والأسواق. إذا ظلت أسعار الفائدة مرتفعة، من المرجح أن يتباطأ زخم سوق الأسهم أو ينعكس، ما يؤدي إلى انخفاض الأصول، بدءا من الأسهم إلى العقارات، وتحقيق عوائد حقيقية سلبية محتملة للمستثمرين خلال السنوات المقبلة. إن تعزيز التنويع والسيطرة على الرفع المالي ربما يكونان عاملين مهمين في بيئة اقتصادية تشكل مخاطر عديدة.
توفر أسعار الفائدة المرتفعة فرصا للمستثمرين، وعلى وجه التحديد يمكن أن تصبح السندات أكثر جاذبية مما كانت عليه منذ عقود.

الأكثر قراءة