تجربة الغرف التجارية .. مراجعة شاملة
قلت في مقال نشر في هذه الجريدة 2016 تعليقا على انتخابات الغرفة التجارية الصناعية في الرياض (شعرت بالسعادة لأن هذه التجربة الحضارية قد نضجت على مر السنوات بل أصبحت سعودية الهوية فجميع من يديرها ويشرف عليها من الشباب السعودي المتمكن من التقنية الحديثة التي تبعد أي احتمال للخطأ غير المقصود أو التلاعب المتعمد كما يحدث في الانتخابات المماثلة) لكن ما حدث في انتخابات نفس الغرفة هذا العام قد أثر في هذه القناعة فقد أصدرت وزارة التجارة بيانا جاء فيه أن الوزارة رصدت وتلقت اعتراضا بشأن الانتخابات التي أجريت أخيرا ومن منطلق الشفافية وتطبيق مبدأ العدالة وحفظ حقوق الناخبين والمترشحين والتحقق من سلامة الإجراءات فقد تقرر قيام لجنة الانتخابات بإلغاء الأصوات المستخدمة بطريقة غير نظامية من نتيجة الانتخابات وقيام لجنة الانتخابات بتمكين كل ناخب حاول التصويت ولم يتح له نظام التصويت الإلكتروني الإدلاء بصوته خلال المدة النظامية من التصويت وإعادة فرز إعلان نتائج الانتخابات بعد ذلك .. واختتم البيان بالقول (أن الوزارة ستقوم باتخاذ جميع الإجراءات النظامية بحق المخالفين وإحالتهم للجهات المختصة لتطبيق الإجراءات النظامية بحقهم) وأمام هذا الموقف القوي والموقف من وزارة التجارة أقول أن ما حدث يعد فرصة لمراجعة دور الغرف التجارية عامة على ضوء المتغيرات المحلية والدولية فبلادنا تعيش نقلة غير مسبوقة وفق رؤية 2030 وقد أثر ذلك إيجابا في دورها إقليميا وعالميا وعلى الغرف التجارية أن تواكب بقوة هذا التحول ما يستدعي وضع الغرف تحت المجهر وتعديل نظامها وأهدافها وطريقة اختيار مجالس إدارتها من ذوي التأهيل والخبرة المنوعة والناضجة خاصة وقد توفرت هذه الكفاءات بعد انفتاح السوق السعودية ونضوج تشريعاته وأدوات حوكمته، ووصول السعودية إلى مراتب متقدمة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتعامل التجاري في الأسواق العالمية .. ولإعطاء لمحة عن مسيرة الغرف التجارية السعودية نذكر أن الملك عبدالعزيز قد اهتم منذ تأسيس الدولة بوضع أنظمة للتجارة كما صدر أمره بتشكيل هيئة تجارية لفض الخلافات بين التجار .. وفي 1347هـ صدر نظام تسجيل الشركات، وفي 1350هـ تمت الموافقة على النظام التجاري المسمى بنظام المحكمة التجارية أما الغرف فقد تأسست 1365هـ وأولها الغرفة التجارية الصناعية بجدة وصدر أول نظام للغرف 1368هـ وتأسست الغرفة التجارية الصناعية في الرياض 1381هـ وتبلغ عدد الغرف التجارية في السعودية حاليا 28 غرفة يجمعها وينسق أعمالها اتحاد الغرف السعودية ومقره العاصمة الرياض الذي تأسس 1400هـ.
وأخيرا: مضى على تأسيس أول غرفة نحو 80 عاما ما يستدعي مراجعة شاملة لأهدافها وأنظمتها وطريقة اختيار أعضاء مجالس إدارتها وتمكينها لممارسة دورها الذي يتناسب ومكانة المملكة والتوجهات العالمية الحديثة في الاقتصاد والاستثمار خاصة وقد أصبحت لدى الغرف إمكانات كبيرة وأجهزة إدارية وفنية ضخمة ومؤهلة للقيام بدور أفضل .. مع عدم التقليل من دور الغرف خلال المسيرة السابقة التي كان من أهم أسباب نجاحها أعضاء مجالس إداراتها كانوا يعطون أكثر مما يرجون منها ويبذلوا الجهد والجاه والمال أحيانا لإنجاح عمل الغرف ولا يهتمون بالشهرة أو الوجاهة التي توفرها عضوية مجالس الغرف فهم متطوعون لخدمة الوطن بكل ما يحمله المسمى من معنى.