شباب سعوديون أمام منافسة علمية عالمية

الشباب السعوديون الذين نتحدث عنهم في هذا المقال، إناثا وذكورا، هم أولئك الذين شاركوا في مسابقات "المعرض الدولي للعلوم والهندسة: آيسف ISEF" الذي أقيم في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، خلال الفترة من 11 إلى 17 مايو الماضي. وينظر إلى هذا المعرض على أنه المعرض الأكثر شهرة على المستوى الدولي في إطار المنافسة على الإبداع والابتكار، بين الشباب في المرحلة التعليمية التي تسبق التعليم العالي، وذلك في مجالات "العلوم، والتقنية، والهندسة، والرياضيات" المعروفة بمجالات "ستيم STEM". وقد تحدثنا عن أهمية هذه المجالات في المقال السابق، وعن أثرها الاقتصادي والتنموي.
حظي هؤلاء الشباب بالتعليم والتمكين ليس فقط عبر المدارس السعودية، سواء الحكومية منها أو الأهلية، وإنما من خلال ما تقدمه منظومة مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، "موهبة"، لكثير من المتميزين، من برامج مختلفة غايتها اكتشاف مواهبهم، ورعايتهم، وتمكين القدرات التي يتمتعون بها. وتهتم هذه البرامج ليس فقط في جانب تعزيز تأهيل المتميزين واستيعابهم للمعرفة العلمية المتطورة في مجالات "ستيم"، بل إنها تركز أيضا على توجيههم نحو البحث العلمي وتوليد المعرفة في هذه المجالات. ويضاف إلى ذلك اهتمامها أيضا بتدريبهم على مهارات العصر المتجددة.
تقيم "موهبة"، في تقديم برامجها للمتميزين، شراكات مع المدارس الحكومية والأهلية في شتى أرجاء السعودية وتتعاون أيضا مع الجامعات المحلية والعالمية، والمراكز البحثية، خصوصا في جوانب توليد المعرفة والإبداع والابتكار، والمهارات المختلفة. وتهتم "موهبة" بشؤون المنافسة كوسيلة لتحفيز الشباب على إبراز تميز مواهبهم، عبر نشاطات تنافسية مختلفة. ومن هذه النشاطات، الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي، ويدعى "إبداع"، ويقام سنويا على المستوى الوطني، بالتعاون مع وزارة التعليم.
ولدى موهبة نشاطات تنافسية أخرى مثل مسابقة "موهوب" وهي مسابقة محلية في عدد من المجالات العلمية التي تشمل الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، وعلوم الأحياء، والفلك، وغيرها. ولديها أيضا مسابقة " كانغجارو-موهبة Kangaroo-Mawhiba"، وهي مسابقة مشتركة مع مؤسسة "كانغجارو" المهتمة بالرياضيات. ويضاف إلى ذلك مسابقة بيبراس-موهبة Bebras-Mawhiba"، وهي مسابقة مشتركة مع مؤسسة "بيبراس" المهتمة بموضوعات المعلومات والحوسبة. وتتم جميع هذه المسابقات بمشاركة وزارة التعليم أيضا. وقد بدأت موهبة هذا العام "الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي"، بالتعاون مع كل من الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، ووزارة التعليم.
أبلى الشباب السعوديون المتميزون، أبناء التعليم العام، وبرامج موهبة، بلاء حسنا متميزا في مسابقات معرض "آيسف" الدولي 2024، سابق الذكر. فقد وصلوا إلى المرتبة الثانية، في مجمل عدد جوائز المعرض الكبرى التي حصلوا عليها، بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وكان ترتيب الدول بعد ذلك كالتالي: الصين في المرتبة الثالثة، ثم كندا، فأستراليا، وتليها كوريا الجنوبية، فالهند، وبعد ذلك ألمانيا، ثم اليابان، فتركيا، فالبرازيل. وقد فاز الشباب السعوديون بـ27 جائزة، منها 18 جائزة كبرى، إلى جانب 9 جوائز خاصة. وتجاوز عدد الفائزين بهذه الجوائز من الإناث، عددهم من الذكور فقد كان عدد الجوائز التي نالتها الإناث 19، بينما كان عدد الجوائز التي نالها الذكور 8.
تضمنت موضوعات الجوائز التي فاز بها الشباب السعوديون، في إطار مجالات "ستيم"، موضوع توليد الطاقة، وتحسين إمكانات البطاريات، إلى جانب موضوعات في علم الأحياء، والعلوم الصحية، وعلم المواد، وعلوم النبات، وعلوم الأرض، ومتطلبات البيئة، وغير ذلك من موضوعات.
إن فوز الشباب السعوديين، إناثا وذكورا، في المسابقات الدولية يحمل إلينا رسالة مهمة. تشير هذه الرسالة إلى حقيقة وجود قدرات كامنة في شباب السعودية تستحق مزيدا من الاهتمام والتمكين كي تتفوق وتتميز في العطاء، والإسهام في الإبداع والابتكار. وإذا كانت "موهبة" هي اللاعب الرئيس في هذا الاهتمام، فإن من الواجب تعزيز إمكانات هذا اللاعب، والتوسع بها، وتفعيلها.
وإذا كان هناك من كلمة أخيرة هنا، فهي القول بأن رعاية الموهوبين والمتميزين، يجب ألا تقف عند حدود سن الشباب فقط، وإنما يجب أن تستمر معهم للاستفادة من قدراتهم وإمكاناتهم، فالموهبة والخبرة والتركيز على الإبداع والابتكار في أي موضوع من الموضوعات أمور تحتاج إلى رعاية مستمرة، وصولا إلى نبوغ، يحقق عطاء متميزا، نحتاج إلى مزيد منه في بيئة التنافس العالمي التي تحيط بالجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي