النفط .. موسم الرحلات الطويلة
رغم الضغوط التي واجهتها أسعار النفط في الأسابيع القليلة الماضية بعد مجموعة من التطورات المتلاحقة والقرارات التي شكلت مستقبل الأسواق للمدى القريب ابتداء من قرارات أوبك+ في تثبيت التخفيضات الأساسية إلى 2025 وتمديد التخفيضات الطوعية إلى نهاية الربع الثالث من هذا العام، ورغم أن رياحا معاكسة استجمعت قواها لتتمكن من إبطاء صعود أسعار النفط متمثلة بقوة الدولار، ورغم أن البيانات التي خرجت من الصين عكست تباطؤا في الاقتصاد الصيني المستورد الأكبر في العالم من النفط -حيث أتت أقل من التوقعات بـ0.4 %-، إلا أن أسعار النفط استجمعت قواها واستعادت زخمها لتتغلب مطلع هذا الأسبوع على تلك الرياح المعاكسة والأنباء القادمة من التنين الصيني، فقفز خام برنت ليقترب من مستوى 85 دولارا ويلامس خام غرب تكساس مستوى 81 دولارا.
لقد ولجت الأسواق إلى موسم يقدم دعما كبيرا في الطلب ويوفر فرصة مناسبة لزيادة الاستهلاك وتعظيم المداخيل المتأتية من أسعار النفط، فموسم الصيف يرتقي فيه حجم الاستهلاك على النفط وعلى المشتقات البترولية، كما أن استهلاك الكهرباء في بعض مناطق العالم يوفر فرصة لارتفاع الطلب على النفط في أسواق تحرق نفطها في سبيل إنتاج الكهرباء وإبقاء الطاقة دائرة في عصب الاقتصاد.
ولعل اللاعب الرئيس الذي تنظر إليه الأسواق في الوقت الحالي هو موسم الرحلات الطويلة، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يزيد استهلاك النفط والمشتقات البترولية بصورة متزايدة في موسم ترتفع فيه معدلات القيادة لقضاء الإجازات وللتنقل في موسم الصيف، ما يدعم أسعار النفط بسبب الضغوطات على حجم الطلب. كما أن موسم الرحلات الطويلة لا يقتصر على قيادة المركبات في رحلات طويلة واستهلاك عال للنفط، بل إن الطائرات في خطوطها الملاحية الدولية تستهلك كميات أكبر في موسم الصيف.
لقد تنبأت المصافي الأمريكية واستعدت لهذا الموسم، فقامت بتكرير 9 ملايين برميل يوميا في الأسبوع الأول من يونيو، وبينت استعدادها لقمة الطلب الذي يصادف الرحلات وساعات القيادة المرتفعة، رغم أن الطلب كان أقل بـ 1.7 % من توقعاتها لكن الأسواق ترى أن هذا الموسم داعم قوي وصلب لمواصلة زخم الطلب على النفط وعاكس للرياح القوية التي شهدتها أسواق النفط في الأسابيع الماضية.