ابتكار التاكسي الطائر .. والمستقبل الاقتصادي

على مر الأزمان يشهد قطاع النقل تطورا مستمرا، وذلك بسبب التقدم التكنولوجي والابتكارات النوعية في هذا المجال التي تهدف إلى تحسين طرق ووسائل التنقل وجعلها أكثر يسر وسهولة وفي الوقت نفسه ذات سرعة وكفاءة عالية وأقل من ناحية التكاليف، وهذا القطاع أصبح يعد واحدا من أكثر القطاعات جذبا للاستثمار والابتكار، بل أصبح هناك كثير من الشركات الناشئة وأصحاب روؤس الأموال من المستثمرين يرون أن الاستثمار في الابتكارات النوعية لهذا القطاع تعد فرصا عظيمة لتحقيق أرباح كبيرة وإحدى الطرق المهمة في تحسين جودة الحياة، ومن هذه الابتكارات، تقنيات التاكسي الطائر (الجوي)، التي أصبحت واقعا ملموسا تتنافس عليها كثير من الشركات بل وبعض الدول، ولعلي في هذا المقال استعرض فيه تطور هذه التقنية ومستقبلها وأثرها في تنشيط الاقتصاد وتحقيق نمو مستدام بشكل عام.
لعل فكرة التاكسي الطائر بدأت بالظهور في منتصف القرن العشرين، حيث كانت هناك محاولات لتطوير طائرات صغيرة يمكن استخدامها كوسيلة نقل شخصية داخل المدن، إلا أن هذه المحاولات كانت محدودة بسبب القيود التقنية والبنية التحتية غير الملائمة والتنظيمية، ولعل ما مهد الطريق لتطوير هذه التقنية هو ما شهدت تقنية الطائرات الكهربائية وتكنولوجيا البطاريات من قفزات نوعية في العقد الأخير، ويمكن لهذه التقنية تحقيق نتائج مذهلة على صعيد المستوى الاجتماعي والصحي والاقتصادي، كون الدراسات أثبتت أنه من خلال تطبيقها ستحقق رفاهية طموحة ورافد من روافد جلب الاستثمارات والشراكات التجارية، وفي استخدامها ستنخفض نسب الازدحام المروري داخل المدن الكبيرة وستسهم في تقليل حجم الابنعاثات الكربونية وغير ذلك. ولذا نجد أنه على إثر ذلك تأسست عديد من الشركات في مجال الطائرات المسيرة، مثل "إي-هانج" الصينية و"فولوكوبتر" الألمانية، وشركة جوبي أفييشن الأمريكية، وقد عملت وقدمت كثير منها نماذج لهذه التقنية الطائرة واختبرت قدراتها بنجاح.
ومثل هذه الشركات وغيرها، التي تعمل على تطوير هذه التقنيات أصبحت فرصا جاذبة للمستثمرين، حيث تشير بعض الدراسات الاقتصادية أن الاستثمارات فيها تقدر بمليارات الدولارات الأمريكية، وأنه قد تصل إيراداتها إلى تريليونات الدولارات الأمريكية بحلول عام 2050، وخصوصا أن مستقبلها يتوقع أن يشهد تقدما تكنولوجيا كبيرا في السنوات المقبلة، مع التطور الكبير في تكنولوجيا البطاريات، وأنظمة الذكاء الاصطناعي، ومع تطور المواد خفيفة الوزن والمتينة وزيادة كفائتها، فإن هناك تحديات عديدة في طريق نجاحها، من ذلك ضرورة ضمان الأمان والسلامة، والحاجة العملية للتطوير المستمر لأنظمة الطيران ذاتية القيادة وأن تكون قادرة على التعامل مع الظروف الجوية المختلفة وتجنب الحوادث، أضف إلى ذلك ضرورة وضع القوانين والتنظيمات الصارمة لضمان تشغيل هذه التقنيات بأمان.
وتشهد السعودية تطورا ملحوظا في البنية التحتية والمشاريع الطموحة التي تهدف إلى تحويلها إلى مركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا، ومن بين هذه المشاريع، تبرز مشاريع تقنية التاكسي الطائر كجزء من رؤيتها 2030 التي تهدف إلى تعزيز النقل الذكي والمستدام، تم توقيع شراكات عدة مع شركات عالمية رائدة عدة، من ذلك ما تم في 2023 من شراكة بين نيوم وشركة فولوكوبتر لتطوير حلول التنقل العمودي باستثمار يقدر بـ175 مليون دولار، وتدشينها في موسم حج هذا العام تجربة التاكسي الجوي ذاتي القيادة لأول مرة، وتعد هذه الطائرة أول تاكسي جوي في العالم، تم ترخيصه من الطيران المدني، ولعل تحفيز الهيئات والمراكز البحثية المعينة في تطوير عمليات البحث والتطوير والابتكار في تصنيع هذه المنظومة محليا، سيحقق التنافسية والريادة الاقتصادية على مستوى دول العالم.            
 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي