المنافسة على سيولة الأفراد وتوازن القطاع التمويلي
لفترة طويلة كانت البنوك لا تقدم كثيرا من الفرص لتمكين الأفراد من الاستفادة من السيولة التي لديهم من خلال توفير فرص منخفضة المخاطر سواء قصيرة أو طويلة الأجل والمبادرات في هذا الشأن رغم محدوديتها لم تكن جذابة والعائد فيها ليس جيدا فضلا عن تعقيداتها وشروطها، وهذا انعكس على البنوك حيث أصبحت تستفيد من هذه السيولة مباشرة وتحقق عوائد من خلال أموال تحصل عليها مجانا، من خلال فتح الحسابات الجارية والتحويلات الخاصة بالرواتب حاليا خاصة البنوك وهذا أمر طبيعي وسيستمر، لكن المنافسة اليوم أصبحت من جهات متعددة لديها فرص متنوعة تحتاج فيها إلى سيولة الأفراد من أجل أن تكون وسيطا بين الفرد والجهات التي تحتاج إلى السيولة خصوصا مع صعوبة الحصول عليها من خلال البنوك أو إصدار أدوات دين مثل الصكوك وهذه جهات متعددة بدأت تنشط في الفترة الحالية ولديها خطط طموحة للتوسع في سوق تنمو وتزدهر في ظل دعم كبير للقطاع الخاص، وتطور التشريعات.
المنافسة على سيولة الأفراد لم تعد فقط من خلال الصكوك الإسلامية أو من خلال الاكتتابات العامة أو من خلال الصناديق الاستثمارية فقط بل توجد اليوم جهات متعددة مثل منصات التمويل الجماعي، والمؤسسات المالية التي أصبحت تعمل على طرح صناديق لتمكين الأفراد من الاستفادة من الفرص التمويلية لديها، إضافة إلى المؤسسات المالية التي أصبحت تزداد بوضوح.
في لقاء لـ "الاقتصادية" بمؤسس شركة سلفة تحدث فيها عن نوع جديد من التمويل الذي تطرحه الشركة وحصلت على رخصة من البنك المركزي السعودي على ذلك وهي عبارة عن: "أن النشاط يسمح بدخول الأفراد إلى سوق التمويل، بأعلى عوائد في السعودية تراوح بين 18 و28 %، اعتمادا على فترة السداد والأخطار. وهناك نوعان رئيسان من نشاط التمويل من فرد إلى فرد، هما الإقراض المباشر والإقراض غير المباشر، والإقراض المباشر هو عندما يقرض المقرضون الأموال مباشرة إلى المقترضين، بينما الإقراض غير المباشر عندما يقرض المقرضون الأموال للشركات التي تقرض المال بعد ذلك للمقترضين".
تطور هذه الخدمات سيوجد فرصا كبيرة للأفراد للاستفادة من السيولة التي لديهم ويمكن القطاع الخاص من الحصول على فرص متنوعة ومصادر متعددة للتمويل، وهذا بالتالي سيوجد توازنا حيث كانت المنافسة بين البنوك ودخلت في ذلك بعض مؤسسات التمويل على مسألة تقديم التمويل الاستهلاكي للأفراد مع محدودية فرص دخول الأفراد كممول لتلك المؤسسات، لكن الفترة الحالية نجد أن هناك مسارات للأفراد سواء التمويل الاستهلاكي لمن يحتاج له أو فرص الاستثمار لمن لديه سيولة فائضة وهذا من شأنه أن يوجد توازنا لدى الأفراد وقد ينمو حجم السيولة التي تحصل عليها المؤسسات المالية من الأفراد بغرض الاستثمار في تمويلها لشركات أو مؤسسات أو افراد بما يعادل حجم التمويل الاستهلاكي في السوق بما يجعل السوق متوازنة بين الادخار والاستهلاك ويحقق ذلك إحدى مبادرات رؤية المملكة 2030م بزيادة نسبة الادخار لدى الأفراد في السعودية.
الخلاصة: إن المنافسة على سيولة الأفراد بغرض الاستثمار والادخار من خلال منصات متنوعة سواء البنوك أو المؤسسات المالية أو الصناديق الاستثمارية أو منصات التمويل الجماعي أو من خلال شركات وسيطة بين الممول والمحتاج للتمويل من أفراد أو شركات سيوجد توازنا ويحقق نتائج إيجابية فيما يتعلق بالمبادرة الخاصة بزيادة نسبة ادخار الأفراد في رؤية 2030.