لماذا الإقبال على الصناديق الخاصة؟

الصناديق الاستثمارية الخاصة شبيهة بالصناديق الاستثمارية المعروفة لدى كثير من الناس التي يوجد منها نحو 280 صندوقا، إلا أن عدد الصناديق الخاصة أكثر من ذلك بكثير، نحو ثلاثة أضعاف هذا الرقم، والمبالغ المستثمرة بها أكثر بكثير من الصناديق العامة التقليدية. فما هي صناديق الاستثمار الخاصة التي شهدت إقبالا كبيرا من المستثمرين في السنوات القليلة الماضية؟ وهل هي مثل صناديق التحوط المعروفة خارجيا؟ وهل يقصد بها صناديق الملكية الخاصة؟ وهل يستطيع المستثمر الفرد الاستثمار بها؟
تزايد عدد المستثمرين في الصناديق الخاصة في العامين الأخيرين بأكثر من 10 أضعاف (من 8.5 ألف إلى 107 آلاف مشترك)، بينما زاد عدد المستثمرين في الصناديق العامة التقليدية بالضعف تقريبا (من 500 ألف إلى 1.1 مليون مشترك). وبينما تبلغ قيمة أصول جميع الصناديق الاستثمارية نحو 600 مليار ريال، كما بنهاية الربع الأول 2024، تستحوذ الصناديق الخاصة على نحو 460 مليار ريال من ذلك، أي نسبة 77 % من الإجمالي. جميع الصناديق الاستثمارية الخاصة والعامة غير متداولة في السوق المالية، فعمليات الاشتراك والاسترداد تتم عن طريق الصندوق نفسه إذا كان من النوع المفتوح، وإذا كان مغلقا فلا يمكن القيام بذلك، عدا التخارج مع مستثمر آخر، وفي حال الصناديق الخاصة فلا يمكن التخارج إلا من خلال مستثمر مؤهل أو مشترك آخر.  
تخضع الصناديق الخاصة في المملكة إلى شروط صارمة من حيث إمكانية الاشتراك بها، وذلك بسبب الحرية الممنوحة لإدارة هذه الصناديق من حيث اختيار الأصول والتصرف بأموال المستثمرين، ولذا يسمح الاستثمار بهذه الصناديق فقط من قبل المستثمرين المؤهلين والعملاء المؤسسين، كما تم تعريفهم من قبل هيئة السوق المالية، وقد سمح قبل عامين باستثمار الأفراد بحد أقصى 200 ألف ريال، وهذا ربما أحد أسباب تزايد أعداد المشتركين ومبالغ الاستثمار في الصناديق الخاصة. ومعظم الزيادة في الصناديق الخاصة أتت عن طريق الصناديق العقارية التي وصل عددها إلى 440 صندوقا بقيمة 174 مليار ريال، ثم صناديق الأسهم بعدد 180 صندوقا بقيمة 210 مليار ريال، أي: من حيث العدد فالصناديق العقارية الخاصة أكثر من صناديق الأسهم ولكن من حيث حجم الاستثمارات فصناديق الأسهم أكبر.  
هناك مجالات أخرى تستهدفها الصناديق الخاصة أهمها صناديق الملكية الخاصة بعدد 170 صندوقا بقيمة 23 مليار ريال، وهي صناديق تستثمر في شركات غير مدرجة، وبذلك هي وسيلة لمن يرغب في الدخول في شركات خاصة لديها جاذبية معينة. وأما المجال الآخر المهم فهي الصناديق الخاصة التي تستثمر في الأصول المتعددة، وهي شبيهة بصناديق التحوط المعروفة، التي رسميا لا يوجد شيء منها لدينا، وعددها 117 صندوقا بقيمة 30 مليار ريال، وعدد المشتركين بها قليل جدا، فقط 657 مشتركا. أما صناديق التحوط فهي صناديق لديها مرونة عالية من حيث طبيعة الأصول التي تستثمر بها وأدوات الاستثمار المتاحة لها، من عقود مستقبلية وعقود خيارات وعمليات مبادلة وبيع على المكشوف، وتستقطع رسوما عالية من المستثمرين. ولا يوجد ما يمنع من إطلاق صناديق تحوط في المملكة، فالصناديق الخاصة لديها مرونة عالية في اختيار الأصول وأدوات الاستثمار، كما أنه لا توجد قيود على مقدار الرسوم أو مكافآت الأداء الممكن استقطاعها من قبل إدارة الصندوق، طالما أنه تم الإفصاح عن ذلك أمام المستثمرين وحصل الصندوق على موافقة الهيئة بذلك.
في الختام، الصناديق الخاصة لدينا أكثر عددا وأكبر حجما من الصناديق الاستثمارية العامة المعروفة لكثير من الناس، وتتميز بكونها صناديق تسعى إلى تحقيق عوائد غير عادية بشكل أو آخر، أي التغلب على أداء المؤشرات الرئيسة، أو في حالة بعض الصناديق الخاصة بمؤسسات معينة تكون الأهداف خاصة بتلك المؤسسات، مثل صناديق خاصة بموظفي إحدى الشركات أو موجهة لمجالات محددة. وبينما المجال مفتوح للأفراد الاشتراك في الصناديق الاستثمارية العامة التي تخضع لرقابة وقيود من قبل الهيئة من حيث طبيعة الأصول والمرونة الممنوحة لإدارة الصندوق، وذلك بهدف حماية المستثمرين الأفراد، هناك الصناديق الخاصة التي تستثمر في مجالات كثيرة ومتنوعة لكن بمخاطرة أعلى من الصناديق العامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي