لماذا قفزت أسعار المنازل الأمريكية 55% رغم الفائدة المرتفعة؟
كان لأسعار الفائدة المرتفعة تأثير غير متوقع على الإسكان في الولايات المتحدة، إذ تسببت معدلات الرهن العقاري الأكثر تكلفة في ارتفاع قيمة الوحدات السكنية بدلا من انخفاضها.
ووفقا للرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، ارتفع متوسط قيمة المنازل القائمة إلى مستوى قياسي بلغ 419.3 ألف دولار في مايو، وقبل الجائحة كان المتوسط 270 ألف دولار، أي بارتفاع 55%.
ويقع اللوم على التأثير الناشئ عن تردد أصحاب المنازل ذات الرهن العقاري الرخيص للغاية الذي حصلوا عليه عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة في بيعها.
ووفقا لجيم إيجان، استراتيجي الإسكان في بنك مورجان ستانلي، ثلثا الرهون العقارية المستحقة في الولايات المتحدة لديها معدل فائدة أقل من 4 %.
إذا انتقل أصحاب المنازل هؤلاء، سيضطرون إلى دفع نحو 7 % للحصول على رهن عقاري جديد لمدة 30 عاما، لم تكن الفجوة واسعة بهذا القدر منذ أواخر الثمانينات على الأقل، بحسب وول ستريت جورنال.
ما يزيد من هذا التأثير هو أن معظم الناس لديهم رهون عقارية بسعر فائدة ثابت اليوم. وكان أكثر من 90 % من قروض الإسكان الصادرة في الأعوام الأخيرة قروضا بأسعار فائدة ثابتة لمدة 30 عاما، مقارنة بنحو ثلثين في الفترة التي سبقت انهيار الإسكان في 2008.
ومع بقاء مزيد من المالكين في منازلهم، انخفض عدد المنازل المعروضة في السوق، ويؤدي نقص العرض إلى ارتفاع الأسعار، ما ينتج عنه تقليص عدد المشترين الذين يستطيعون تحمل تكلفة شراء منزل.
ويمكن للأسر التي تكسب 100 ألف دولار سنويا أن تتحمل 37 % فقط من المنازل المعروضة اليوم، وفقا للرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين في سوق متوازنة فيها مخزون متوافر إلى مدة 5 أشهر تقريبا، يجب أن يكون الرقم 62 %.
كذلك انخفض الإنفاق المرتبط بمبيعات المنازل، حيث ينفق الناس عادة على إصلاح المنازل قبل طرحها في السوق أو تجديدها بعد انتقالهم إليها.
وقد توقف عمل الخبراء العاملين في الخدمات المرتبطة بالإسكان، مثل المحامين وسماسرة العقارات، إلى جانب بناء منازل جديدة، وتمثل هذه الأنشطة عادة ما بين 3 % و5 % من الناتج الأمريكي، وفقا لتقديرات الرابطة الوطنية لبناة المنازل.
الجانب الآخر هو أن ملايين الأسر التي تدفع أسعار فائدة رخيصة على الرهن العقاري قادرة على الإنفاق في أماكن أخرى، وقد يكون هذا أحد الأسباب وراء مرونة الإنفاق الاستهلاكي في مواجهة أسعار الفائدة المرتفعة.
ويتردد العاملون في قبول عروض عمل في الولايات الأخرى إذا كان ذلك يعني التضحية بتكاليف السكن المنخفضة، لذا تضررت حركة العمالة بشدة.
وتشير دراسة أجراها اقتصاديون في جامعة كاليفورنيا في إيرفاين وجامعة كاليفورنيا في بيركلي إلى أن تأثير تفضيل أصحاب المنازل ذات الرهن العقاري المنخفض البقاء في منازلهم أدى إلى تثبيط 660 ألف عملية انتقال على مدار العام حتى يونيو 2023.
من بين الآثار الأخرى المترتبة على ذلك، تقلص مساحة المنازل الجديدة في أمريكا. كانت المنازل التي بنيت في 2023 أصغر 5 % من تلك التي بنيت قبل عامين، حيث تحاول شركات البناء جعل أسعار المنازل الجديدة معقولة قدر الإمكان للمشترين لأول مرة، لكن ثمن ذلك هو تقلص المساحة.
نظريا، إذا لم يكن الناس قادرين على شراء المنازل، يستطيع أصحاب العقارات فرض رسوم أعلى.
وارتفعت إيجارات منازل العائلة الواحدة 3 % في أبريل مقارنة بالعام السابق، وفقا لبيانات شركة كورلوجيك. لكن بالكاد ترتفع إيجارات الشقق بسبب وفرة المعروض الجديد.
يعتقد توماس راين، اقتصادي في شركة كابيتال إيكونوميكس، أن العرض لن يبدأ في العودة إلى طبيعته حتى تنخفض معدلات الرهن العقاري إلى ما يقارب 5 %.