رأسمالية الشركات الناشئة.. وادي السيلكون لم يعد النموذج الوحيد على الساحة

رأسمالية الشركات الناشئة.. وادي السيلكون لم يعد النموذج الوحيد على الساحة

في وادي السيليكون، النابغون أصحاب الأفكار العظيمة يعطلون أعمال صناعات كاملة، مثل "أوبر" والنقل العام، وحتى "مايكروسوفت" باستبدالها مكان العمل نفسه. إنها الطريقة التي يفترض أن تعمل بها مراكز التكنولوجيا. لا تتكيف القديمة مع العصر، لذلك تختفي، وتحل محلها شركات اليوم والغد.

يرتبط نموذج وادي السيليكون ارتباطا وثيقا بالنموذج الاقتصادي للولايات المتحدة، ويصعب تكراره في مناطق أخرى. وهو يتفوق في بعض جوانب التكنولوجيا، لكنه فقد ميزته التصنيعية منذ فترة طويلة.

في أنحاء العالم، يعمل صناع السياسات على تكييف فكرة وادي السيليكون لتتناسب مع خصوصيات اقتصاداتهم واكتساب ميزة فريدة في الأسواق العالمية الرئيسة وذلك وفقا لـ "فورتشن".

اليابان وكوريا مثالان على هذا. تهيمن التكتلات الكبيرة على اقتصادي البلدين. ولا يرى المسؤولون في طوكيو وسيول فائدة مرجوة من استبدال الشركات الناجحة والدولية بالناشئة.

بل يتبعون نموذج ابتكار مفتوح حيث تعمل الشركات الصغيرة مع التكتلات الكبيرة، مع عمالقة مثل "سامسونج" أو "سوني"، بمساعدة الحكومة. يساعد هذا النهج صانعي السياسات على الابتكار في تصميم تكنولوجيا المستقبل وتصنيعها.

غالبا ما تتهم كبريات الشركات الكورية واليابانية بخنق المنافسة. لكن صناع السياسات اليابانيين والكوريين لا يريدون الوقوف ضد التكتلات التي ساعدت بلدانهم على أن تصبح من أغنى الاقتصادات وأكثرها ابتكارا في العالم.

الدعم الحكومي للعلاقة بين التكتلات الكبيرة والشركات الناشئة صمد في وجه التغييرات المتكررة في القيادة السياسية وبات الآن جزءا لا يتجزأ من كلا الاقتصادين.

تحصل الشركات الناشئة على الخبرة والتوجيه وتتعرف على قنوات المبيعات من خلال هذه العلاقة. المديرون في تكتل مثل "إل جي" أو "نيسان" يتمتعون بعقود من الخبرة التي يفتقر إليها مؤسسو الشركات الناشئة.

وتساعد برامج مسرعات الأعمال الحكومية على سد الفجوة. وتنضم الشركات الكبيرة إلى هذه البرامج بصفتها مدربين وشركاء محتملين للشركات الناشئة. ويمكن للشركات الناشئة أن تؤمن رأس المال من خلال المشاركة في هذه البرامج. كما أن الربط بينها يسهل على الشركات الكبيرة الاستثمار في نظيراتها الأصغر. الميزة الثانية لنموذج الابتكار المفتوح هذا هي أن كبريات الشركات في الدولتين تضع أيديها على أفكار ومنتجات جديدة.

في الواقع، يبدو أن نموذج التعاون هذا يطبق شيئا فشيئا في أنحاء أخرى. في قطاع الذكاء الاصطناعي، تعمل "مايكروسوفت" مع شركاء أصغر مثل "أوبن أيه آي" و"ميسترال" الفرنسية. واستثمرت كل من "أمازون" و"جوجل" في مطورين مثل "أنثروبيك". وتعكف كبريات شركات التكنولوجيا في الصين على شراء حصص كبيرة في شركات البلاد الناشئة التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي. كذلك تشجع كل من إدارة بايدن ولجنة فون دير لاين التعاون بين الشركات الناشئة والكبرى في إطار سياساتهما الصناعية.

وادي السيليكون لا يزال نابضا بالحياة، لكن نسخته من رأسمالية الشركات الناشئة لم تعد اللعبة الوحيدة المتاحة. من المتوقع أن يصبح النموذجان الياباني والكوري منتشرين أكثر. تتجه الحكومات نحو السياسة الصناعية والقومية الاقتصادية - بعبارة أخرى، نحو السياسات التي طالما تبنتها طوكيو وسيول.

الأكثر قراءة