المستثمرون يراقبون الخطط الاقتصادية لحزب العمال البريطاني بعد فوزه بالانتخابات
يتجه كبار المستثمرين نحو بريطانيا بعد الفوز الساحق الذي حققته حكومة حزب العمال الجديدة في الانتخابات، لكنهم يظلون حذرين من وضع رهانات طويلة الأجل حتى يتمكن رئيس الوزراء كير ستارمر من إقناعهم بمصداقية خططه للنمو الاقتصادي.
وارتفع الجنيه الاسترليني، أقوى عملة رئيسة مقابل الدولار هذا العام، اليوم الجمعة عندما أصبح انتصار حزب العمال واضحا. كما ارتفع مؤشر الأسهم FTSE 250 الذي يركز على المملكة المتحدة، وتجاوز مؤشر FTSE 100 العالمي حتى الآن، إلى أعلى مستوى له منذ أبريل 2022.
لكن المستثمرين قالوا إن حزب العمال لا يزال بحاجة إلى إحياء الثقة طويلة المدى في أسواق المملكة المتحدة التي عانت منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي 2016 والفوضى التي أحدثتها الميزانية المصغرة لعام 2022 لرئيسة الوزراء المحافظة السابقة ليز تراس.
تعهد حزب العمال ذو الميول اليسارية بتحديث البنية التحتية المتهالكة في بريطانيا وحل مشكلة نقص الإسكان مع إبقاء الإنفاق محدودا مع اقتراب العبء الضريبي في المملكة المتحدة من أعلى مستوياته على الإطلاق.
لكن وكالات التصنيف الائتماني والمقرضين البريطانيين في أسواق السندات الدولية يشعرون بالقلق إزاء الدين العام الذي من المتوقع أن يتجاوز 100 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال شيلدون ماكدونالد، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة إدارة الأصول مارلبورو في المملكة المتحدة: "عليهم أن يسيروا على حبل مشدود بين النمو الاقتصادي والديون الحكومية. علينا أن نرى ما إذا كان إصدار الديون سيرتفع، وما إذا كان الاقتصاد يستطيع التوسع بمعدل يعد الاقتراض الإضافي مقبولا".
وأضاف ماكدونالد أن لديه نظرة محايدة بشأن الأسهم البريطانية، لكنه كان إيجابيا بعض الشيء بشأن السندات الحكومية بسبب التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة من بنك إنجلترا.
وبعد أعوام من التدفقات الخارجة المتواصلة، أصبحت القيمة السوقية المجمعة للشركات في مؤشر FTSE-All الواسع للأسهم، عند 2.4 تريليون جنيه استرليني (3.07 تريليون دولار)، وهي أقل من أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية الفردية مثل Apple وشركة صناعة الرقائق Nvidia.
ويأمل المستثمرون أن يوفر ستارمر ووزير ماليته المقبل، الخبيرة الاقتصادية السابقة في بنك إنجلترا راشيل ريفز، قيادة أكثر استقرارا، إضافة إلى سياسات ضريبية وتجارية يمكن التنبؤ بها.
وقال توبي جيب، رئيس حلول الاستثمار في شركة إدارة الصناديق أرتميس: "كان من الممكن أن يقرأ المستثمرون في نيويورك أو هونج كونج العناوين الرئيسة ويجدون أنه من السهل تحديد سبب الانزعاج. ما تفعله الانتخابات هو تخفيف حالة عدم اليقين هذه، فهي تسمح للمستثمرين الأجانب بالاستثمار بمزيد من الأمان".
وفي إشارة إيجابية واحدة، عاد الجنيه الاسترليني على أساس الوزن التجاري إلى مستويات شوهدت آخر مرة قبل التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال جيب إنه يتوقع أن يظل الجنيه الاسترليني قويا وكان متفائلا بشأن الأسهم البريطانية.
وقال توم أوهارا، مدير محفظة الأسهم الأوروبية، يانوس هندرسون، "نعلم أن التحسن التدريجي العام يمكن أن يأتي من الاستقرار السياسي لكننا لا نعرف ما هي التغييرات التي ستحدث".
ولم تحقق بريطانيا نموا أسرع من 2 % سنويا على أساس منتظم منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008.
ويحتل الاستثمار التجاري في المملكة المتحدة المرتبة الـ28 بين 31 اقتصادا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كما تعثر الاستثمار الأجنبي المباشر وكانت الإنتاجية في مكان العمل ضعيفة.
وخفضت صناديق التقاعد وشركات التأمين البريطانية حصة الأسهم البريطانية في محافظها الاستثمارية إلى نحو 4 % بعد أن كانت 50 % عام 2000، وفقا لمجموعة أوندرا الاستشارية.
وفي يونيو، حتى مع تحرك استطلاعات الرأي للتنبؤ بالنصر التاريخي لحزب العمال، سحب المستثمرون 5.9 مليار دولار من صناديق الأسهم البريطانية، وهو ما يمثل الشهر الـ44 على التوالي من التدفقات الخارجة، حسبما أظهرت بيانات رسمية.