مستقبل الحوسبة المعرفية في الطاقة الكهربائية
أضحت تقنية الحوسبة المعرفية من المفاهيم الرقمية التي لاقت رواجا في وقتنا الحاضر، وهي نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يحاكي عمليات التفكير البشري إضافة إلى معالجة الإشارات، وتنطوي هذه التقنية على آلات يمكنها التعلُّم والتفكير وفهم اللغة بطريقة مشابهة للطريقة التي يفعلها البشر.
ويستخدم المساعدون الافتراضيون مثل Alexa و Siri و Google Assistant الحوسبة المعرفية لفهم الكلام الطبيعي والبحث في قواعد معرفية واسعة والاستجابة بشكل مناسب.
وتستخدم أنظمة الحوسبة المعرفية الذكاء الاصطناعي وعديدا من التقنيات الأساسية، بما في ذلك الشبكات العصبية ومعالجة اللغات الطبيعية والتعرُّف على الأشياء والروبوتات والتعلم الآلي والتعلم العميق.
وتعود الأسس الأولى للحوسبة المعرفية إلى أواخر القرن الـ19. مع أعمال عالم الرياضيات جورج بول وكتابه "قوانين الفكر"، ومقترحات تشارلز باباج حول إنشاء ما أسماه "المحرك التحليلي". لقد وصل حجم سوق الحوسبة المعرفية العالمي إلى 39.9 مليار دولار في 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 315 مليار دولار بحلول 2033 بمعدل نمو سنوي قدره 23 % من 2024 إلى 2033.
ويدعي بعض المحللين أن المستقبل هو للحوسبة المعرفية خصوصا مع تقدم وسائل التقنية، ولو استطعنا تصور هدف الحوسبة المعرفية على المدى البعيد، فقد نرى أن الآلة ستفهم كلماتك وتفسر عواطفك أيضا. إن التحول الرقمي يقود تطور المنظمات في عديد من الصناعات، ولذلك نرى اعتمادا متزايدا على التقنيات المعرفية التي تمكن تلك المنظمات من توليد قيمة جديدة من خلال تحسين تفاعلها ومرونتها والوعي الظرفي والتميز التشغيلي.
وتدل كلمة "معرفية" على أن الآلة تملك التذكر والتحليل والتعلم والإثارة والحل بشكل مماثل للمستخدم البشري، وبالتالي، فإن تطبيق هذه المفاهيم يساعد على جعل النظام معرفيا. لقد تم تقديم مفهوم "المؤسسة المعرفية" من قبل شركة IBM الذي يفترض التقنيات المعرفية المستخدمة لزيادة ذكاء المنظمة.
وتقوم فكرة "المؤسسة المعرفية" على تقارب عديد من التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والأتمتة وإنترنت الأشياء والبلوكتشين والجيل الخامس، ما يمَكن من تغيير نماذج الأعمال وإعادة ابتكار العمليات وإعادة تصوُّر طريقة العمل. وعلى أيَّ حال، فلا الذكاء الاصطناعي ولا التعلُّم الآلي يستطيعان وحدهما أن يجعلا المنظمة معرفية.
تمر الطاقة الكهربائية في العالم بتحولات وتحديات متعددة، ما يجعل من الصعب الوصول لحلول وتقنيات جديدة. لقد أصبحت الحوسبة المعرفية حلا يفكر به بعض محللي الأعمال لعديد من القضايا والمشكلات الناشئة في الطاقة الكهربائية، مثل إنشاء تقنيات متجددة وتوفير الطاقة والبحث عن مصادر جديدة لها.
في العقد الماضي، تم نشر عدد كبير من الأبحاث العلمية التي تهدف إلى دعم هذه المهام، لكن بمجرد نضج تقنية الحوسبة المعرفية، يمكن أن نرى شركات الكهرباء تنعم بطاقة أو قوة ذكية من خلال توفير كفاءة استخدام الطاقة وتحسين الموارد المتاحة واتخاذ القرارات الصحيحة وتحويل آلية الشبكات الذكية إلى واقع ملموس من أجل إدارة مثلى للكهرباء دونما تذبذب أو انقطاع وبمرونة عالية وتكاليف معقولة. ومع ذلك، توجد قائمة من التحديات التي قد تزيد من الأخطار المرتبطة بتنفيذ التقنيات المعرفية، مثل الأخطار المالية والتنظيمية والبشرية.
إن الطريق إلى المشاريع المعرفية طويل ومليء بالتحديات ليس في الكهرباء فحسب، لكن في مجمل الصناعات المختلفة، وينبغي إجراء عديد من التغييرات في عمليات المنظمة بما في ذلك تنفيذ التقنيات المعرفية عبر مراحل تجريبية. وعلى الرغم من أن فكرة التقنيات المعرفية تظهر بسرعة في النقاش والتحليل والجدل العلمي، فإن الإطار النظري للمفهوم ظل خافيًا، إذ لا يوجد له ذِكر في الأدبيات البحثية ولا يزال هناك نقص ملحوظ في الأبحاث العلمية في مجالات بناء وتطوير المنظمات المعرفية.