المرافق السياحية .. النظافة والسعر المناسب
يرى بعض الناس أن المرافق السياحية تقتصر على السكن بجميع أنواعه والمطاعم والمقاهي، ويرى آخرون -وأنا منهم- أن التعريف أوسع من ذلك حيث يشمل الطرق، ورحلات الطيران إلى المصايف، وحتى محطات الوقود على الطرق بما تشتمل عليه من مرافق كالمساجد، والمطاعم، والبقالات، ودورات المياه، وضع خطوط عدة تحت هذه الأخيرة، لأنه يلاحظ عدم نظافة معظمها مع أنه لو ألزم صاحب المحطة بتخصيص عامل واحد فقط لمتابعة النظافة كما هي الحال في الأسواق التجارية لحلت المشكلة.
وعودة إلى المرافق السياحية الأساسية وهي الخاصة بالإيواء، أقول بأنني استمعت أخيرا إلى حديث لوزير السياحة أحمد الخطيب أثناء وجوده في منطقة عسير بشر فيه بأن قطاع السياحة المحلية يشهد تنظيماً شاملاً، متضمنا فتح خيارات الترخيص لفنادق من فئة نجمة أو نجمتين في المصايف، تكون نظيفة ومريحة للسكن لكن لا يشترط فيها توافر مرافق متعددة مثل الرياضية، أو المطاعم المنوعة، أو ما شابه ذلك ما يزيد التكاليف على المستثمر وبالتالي ترتفع أسعارها. وتحدث بالتفصيل عن إستراتيجية السياحة التي تسعى إلى تحقيق مستهدفات متعددة منها الإسهام في ما يعادل 10 % من الناتج المحلي بحلول عام 2030، و ذكر أن عدد السياح خلال النصف الأول من 2024 بلغ 60 مليون سائح من الداخل والخارج ووصل إجمالي إنفاقهم إلى 143 مليار ريال. وتحققت كثير من هذه المستهدفات وبقي كثير في ظل الرؤية التي لا تضع سقفاً للطموحات.
أما الحديث عن أسعار المرافق السياحية، خاصة السكن، فرحلة خاصة تقتضي تظافر جهود الأطراف التي تكوِّن منظومتها دون تأخر أي منها، فالجهات التشريعية والرقابية يجب أن تقدم برامج التمويل لتحفيز المستثمر، وفي الوقت ذاته تفرض مزيدا من الرقابة على مستويات الخدمة والنظافة والأسعار، والطرف الثاني هو مقدم الخدمة الذي عليه النظر إلى الفائدة على المدى الطويل لا مجرد البحث عن تعظيم أرباح موسم واحد، والطرف الثالث هم السياح، الذي يؤدي إقبال مزيد منهم إلى تحفيز استثمارات أكثر وتوفير خيارات أوسع، خصوصاً إذا نجحت أجهزة الترويج السياحي ووسائل الإعلام في إيجاد مواسم سياحية أخرى خلال السنة تمكن المستثمر من توزيع مصاريفه (وأرباحه) على أيام أكثر.
وهذه الرحلة قد بدأت فعلياً، وبتنا نعيش تقدمها عاماً بعد عام، ولكنها تحتاج إلى الاستمرار والمزيد من الالتزام لنصل إلى المستهدفات الطموحة لإستراتيجية السياحة، ورغم هذا التحسن في الخيارات المتوافرة والأسعار بقي لدى بعضهم الانطباع بارتفاع الأسعار وأن المستوى غير مناسب، وأرى أن هذا الانطباع قديم وقد كنت أصدق بعض ما يقال، لكنني الآن وقد أصبحت ممن يفضل السياحة الداخلية أدعو أولئك إلى التجربة قبل إصدار الأحكام غيابياً، ربما لتبرير قضائهم "كل" إجازاتهم في الخارج، وأقول "كل" لأنه لا مانع من إجازة داخلية وأخرى خارجية، ففي بلادنا تنوع في الطقس والطبيعة إضافة إلى الآثار والتراث ما يؤهلها لأن تكون من أكثر بلاد العالم جذباً للسياح.
وأخيراً: قضاء مسؤولينا بعضاً من إجازاتهم في مصايفنا له أثر كبير وتعزيز للمصداقية وجودة المنتج، وظهور المسؤولين والمشاهير للعلن مثلما فعل وزير السياحة في مناطق عدة، ووجود وزير الإعلام سلمان الدوسري ومساعديه في منطقة عسير، وتنظيم مؤتمر صحفي غير تقليدي من قبل المبدعين في التواصل الحكومي، يدل على أهمية دور الإعلام في دعم السياحة التي أصبحت من أهم القطاعات لتوفير فرص العمل لأبنائنا وبناتنا وكذلك لإبراز الكنوز الثقافية والتاريخية المتنوعة في بلادنا للمواطن السعودي أولا ثم السائح الأجنبي.
وفي الختام، أقول: إن السياحة الداخلية اقتصادنا المقبل ويمكن تعزيزها من خلال تنظيم رحلات قصيرة ومخططة، ومن واقع تجربة شخصية فإن الرحلة القصيرة إذا نظمت جيداً تحقق الأغراض وبتكاليف معقولة إذا ما قورنت بالسياحة الخارجية، والمهم أن تتكامل عندنا المرافق السياحية مع أسعار مناسبة ونظافة عالية.