رغم المنافسة الأوروبية بورصة لندن تدرج 87 صكا بـ84 مليار دولار خلال 3 أشهر

رغم المنافسة الأوروبية بورصة لندن تدرج 87 صكا بـ84 مليار دولار خلال 3 أشهر
يشكل التمويل الإسلامي قوة متنامية في الأسواق العالمية ويمتد نطاقه بسرعة ليتجاوز العالم الإسلامي.
رغم المنافسة الأوروبية بورصة لندن تدرج 87 صكا بـ84 مليار دولار خلال 3 أشهر
كونستانتين كوتزياس، مدير القسم الأوروبي في مجموعة بلومبرغ إل.بي

أدرجت بورصة لندن في أسواق رأس المال أكثر من 87 صكا بقيمة تزيد عن 84 مليار دولار، بحسب بيانات الربع الثاني من عام 2024، وفقا لتقرير تطوير التمويل الإسلامي الصادر بتكليف من المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص بالشراكة مع مجموعة بورصة لندن.

كما أصدرت حكومة المملكة المتحدة صكوكا سيادية مرتين، إذ تبرز لندن، باعتبارها البوابة الغربية للمنتجات الإسلامية، وذلك على الرغم من المنافسة التي تواجهها في سوق صناديق الاستثمار المشتركة الإسلامية من لاعبين آخرين، منها لوكسمبورغ وإيرلندا وجزر كايمان وجيرسي.

ويشكل التمويل الإسلامي، قوة متنامية في الأسواق العالمية، ويمتد نطاقه بسرعة ليتجاوز العالم ذا الأغلبية المسلمة.

وبحسب التقرير، شهدت المراكز المالية الغربية الكبرى – ولاسيما لندن – الإمكانات التي يمكن أن تحققها إيراداته، وأصبحت تتنافس لتصبح مراكز عالمية لهذه الشريحة المتنامية.

وفي الوقت نفسه، تسعى المراكز المصرفية الإسلامية، ومنها دبي وأبوظبي والرياض وكوالالمبور وجاكرتا، إلى تعزيز وتوسيع دورها في التمويل الدولي، وتوفر ريادتها للتمويل الإسلامي أساسا راسخا لتحقيق طموحاتها. وبفضل هذه المنافسة الصحية التي تزيد من توافر المنتجات الإسلامية – مثل سندات الصكوك – وترفع جاذبيتها لدى المستثمرين، يمكننا أن نتوقع تسارعا في تداولها.

وقال كونستانتين كوتزياس، مدير القسم الأوروبي في مجموعة بلومبرغ إل.بي، إن الأصول العالمية لقطاع التمويل الإسلامي وصلت إلى 4.5 تريليون دولار عام 2022، ما يمثل زيادة بنسبة 11% عن العام السابق. وتشير تقديرات بلومبرغ إلى أن إجمالي قيمة الصكوك المستحقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلغ نحو 850 مليار دولار نهاية عام 2023، بزيادة بلغت نحو 10.3%.

وأشار التقرير إلى أن هناك أيضا اتجاه ناشئ يرتبط بالصكوك المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية، والتي تدمج بين التمويل الإسلامي والتمويل الأخضر.

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ارتفعت الأحجام بنسبة 48% على أساس سنوي في الأشهر الستة الأولى من عام 2024، لتصل إلى 6.2 مليار دولار.

وأضاف التقرير، لذلك ليس من المستغرب أن يحرص المستثمرون غير المسلمين وأسواق رأس المال التي تخدمهم على دخول هذا المجال. وكانت الدول الأوروبية، على وجه الخصوص، قد فتحت أبوابها أمام التمويل الإسلامي.

وتتمتع لندن بأهمية كبيرة دفعت مصرف أبوظبي الإسلامي إلى اختيار بورصة لندن لإدراج صكوك خضراء بقيمة 500 مليون دولار عام 2023.

وباستثناء تركيا، تمثل المملكة المتحدة نحو 85٪ من إجمالي الأصول المصرفية الإسلامية الأوروبية، بقيمة بلغت 7.5 مليار دولار عام 2021، ما يجعلها متقدمة بفارق كبير عن أي دولة أوروبية أخرى، ومتقدمة بفارق كبير أيضا عن الولايات المتحدة التي بلغت قيمة الأصول فيها 636 مليون دولار فقط في العام نفسه.

كوتزياس أشار إلى أن حكومة المملكة المتحدة وضعت أطرا واضحة للبنوك الإسلامية التي تعمل محليا للمواءمة بين الالتزام بالشريعة وقانون المملكة المتحدة والمتطلبات التنظيمية فيها. تشمل هذه الأطر تسهيلات السيولة البديلة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية التي أطلقها بنك إنجلترا عام 2021، والتي تتيح مرونة أكبر في تلبية متطلبات الأصول السائلة عالية الجودة دون أن تكون في بيئة قائمة على الفائدة، إذ يعد تحريم الفائدة مفهوما أساسيا في التمويل الإسلامي، وتستخدم المملكة المتحدة نهج الوكالة أو التسهيلات القائمة على التمويل، وهو نموذج شائع في التمويل الإسلامي.

وبحسب التقرير، أصبحت لندن تمثل بوابة التمويل الإسلامي للتواصل مع المستثمرين العالميين خارج الدول ذات الأغلبية المسلمة. وعلى الرغم من ذلك، فإن التمويل الإسلامي يمثل حيزا صغيرا جدا من العرض الشامل الذي توفره لندن للأسواق، وما زالت لندن تشكِّل مكونا صغيرا جدا ضمن المنظومة العالمية للتمويل الإسلامي.

ومع أن المملكة المتحدة تمتلك 85% من الأصول المصرفية الإسلامية الأوروبية، إلا أن حصتها العالمية لا تتجاوز 0.3%. كما أن البنوك الإسلامية في المملكة المتحدة تمتلك 0.1% فقط من أصول النظام المحلي.

ومن الواضح أن مركز الثقل ما زال في الدول ذات الأغلبية المسلمة، إذ تحتل دول مجلس التعاون مركزا متقدما من حيث الأصول المصرفية الإسلامية، بما في ذلك السعودية التي تحتل المركز الثاني عالميا، والإمارات التي تحتل المركز الرابع.

كما تشمل قائمة الدول العشرة الأوائل التي استحوذت على نسبة ساحقة بلغت 95٪ من أصول الخدمات المصرفية الإسلامية العالمية في عام 2021 كلا من قطر والكويت والبحرين.

لذلك، يتمثل التحدي الذي يواجه دفع عجلة التمويل الإسلامي في الاتجاه الدولي السائد في أن الأسواق الرئيسية التي تدفع الطلب تلبي احتياجات المستثمرين المحليين بشكل رئيسي، بينما ترى الأسواق التي توفر الوصول إلى رأس المال العالمي أن الخدمات المصرفية الإسلامية تلبي احتياجات فئة محددة. ومن شأن ظهور أسواق رأس المال الطموحة والكبيرة والمتطورة بشكل متزايد في دول مجلس التعاون أن يؤدي إلى تحول جذري في التوازن العالمي.

وقد أدت الحملات التي شجعت شركات دول مجلس التعاون على إدراج أسهمها محليا بدلا من الأسواق الخارجية، ولاسيما في السعودية والإمارات، إلى نمو هائل في البورصات الإقليمية.

وفي الإمارات، ارتفعت القيمة السوقية المجمعة لسوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية بنحو خمس مرات بين عامي 2015 و2023، من 738.6 مليار درهم (201.1 مليار دولار) إلى 3.56 تريليون درهم (969.2 مليار دولار).

وتعود نسبة كبيرة من هذا النمو إلى الاكتتابات العامة الأولية الضخمة للهيئات الكبرى ذات الصلة بالحكومة. تبدو الاستراتيجية واضحة: استخدام احتياطيات هائلة من الأصول المملوكة للدولة لدفع التنمية السريعة في أسواق رأس المال المحلية، وتوفير النطاق اللازم لتحويل مدن دول مجلس التعاون، بما في ذلك دبي وأبوظبي والرياض، إلى مراكز مالية ذات أهمية عالمية.

وإذا نجحت هذه المدن في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يبدو ممكنا إذا توفر المزيد من الأسهم المحلية للمشترين الدوليين، فسوف تتمتع بميزة محلية تتمثل في مكانتها الراسخة كمراكز عالمية للتمويل الإسلامي، بينما ستوفر الأدوات الإسلامية إمكانية الوصول إلى رأس المال العالمي الذي لم يكن في السابق متاحا إلا خارج المنطقة.

وهذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الطلب على المنتجات المالية الإسلامية بشكل عام، وحين يزداد الطلب، ستواجه المراكز المالية الراسخة مثل لندن منافسة أكبر للحصول على حصتها من الكعكة.

من غير المرجح أن تحل الصكوك محل الأدوات المالية الأخرى في الأسواق غير الإسلامية، لكنها بالتأكيد قادرة على أن تصبح جزءا أكثر أهمية من الأنظمة العالمية، وربما يكون تحقق ذلك أقرب مما نعتقد.

الأكثر قراءة