سوق العمل وتعديلات النظام
صدر الثلاثاء الماضي قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تعديلات نظام العمل، بهدف تعزيز تنافسية سوق العمل السعودية على المستويين المحلي والعالمي، وتكتسب هذه التعديلات أهمية خاصة نظراً إلى مستهدفاتها التي ذكرتها وثيقة النظام وهي "تحسين سوق العمل في السعودية وتعزيز الاستقرار الوظيفي، وحفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية، إضافةً إلى تطوير الكوادر البشرية وتعزيز فرص تدريب العاملين وزيادة فرص العمل للمواطنين"، وكون هذه التعديلات تهتم بزيادة تمكين طالبي العمل السعوديين من أخذ فرصتهم في سوق العمل التي تستقطب ملايين الموارد البشرية من الداخل والخارج، وكذلك رفع المستوى الفني للعمالة التي يتم استقدامها في شتى المجالات.
وراعت التعديلات مصلحة جميع أطراف العلاقة التعاقدية وشملت تهيئة واضحة لبيئة العمل لتكون العدالة والتشريعات موحدة أو متقاربة بين المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة الصغيرة منها والكبيرة، لفتح عديد من فرص العمل للمواطنين وتجويد الأنظمة التعاقدية والتشريعات التي تسهم في استقطاب المستثمرين، وفتح المجال لمزيد من الشركات للدخول إلى السوق السعودية.
ومن شأن هذه التعديلات دعم التوجه لتطوير الأنظمة واللوائح القائمة بما يسهم في دعم السوق والقطاعات الإنتاجية والخدمية وتوفير البيئة التشريعية الملائمة ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بهدف توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفقاً لإستراتيجية سوق العمل ومستهدفات رؤية السعودية 2030. وما دمنا قد ذكرنا إستراتيجية سوق العمل فإنه من المناسب الإشارة إلى الجهود التي بذلت لتطويرها وتنظيمها، حيث شكّل إنشاء مجلس القوى العاملة عام 1400هـ منعطفاً مهماً في مسيرة تنظيم السوق، وكان من أبرز مهامه دراسة احتياجات السعودية من القوى العاملة ووضع السياسات، التي على أجهزة الدولة تبنيها لتعزيز فعالية السياسات الخاصة بتمكين القوى العاملة السعودية وزيادة السعوديين في سوق العمل.
وبعد فصل العمل عن الشؤون الاجتماعية في وزارتين وتعيين الدكتور غازي القصيبي وزيراً للعمل تم اختيار الدكتور عبدالواحد الحميد ليكون نائباً له، وهو الذي كان مسؤولاً بارزاً في مجلس القوى العاملة عند وضع السياسات الخاصة بتنظيم سوق العمل، وحرص الدكتور القصيبي ونائبه على القيام بعمل منهجي لتنظيم هذه السوق، فصدرت إستراتيجية التوظيف السعودية بالتعاون بين الوزارة والقطاع الخاص وأجهزة الدولة المختلفة ذات العلاقة، وتمت الموافقة عليها من المجلس الاقتصادي الأعلى في مجلس الوزراء عام 2009، وواجهت خطوات تنفيذ الإستراتيجية بعض العقبات التي عطلت الاستفادة منها بالشكل الملائم.
وأخيراً: تعيش سوق العمل الآن مرحلة أكثر تفاؤلاً، انطلاقاً من وضوح المستهدفات التي تحكمها رؤية 2030 وبمتابعة مستمرة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، خاصة أن هذا المحور المهم يفتح أبواب العمل أمام الشباب والشابات بعد تأهيلهم وتدريبهم وصقل مواهبهم الخاصة في مجالات الاقتصاد والتقنية، ولعل التفوق الذي أظهره شبابنا وشاباتنا في إدارة مؤسسات الأعمال المصرفية والاقتصادية وفي كل الجوانب خير دليل على أن خطط وبرامج وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بقيادة وزيرها أحمد الراجحي القادم من القطاع الخاص تسير في الاتجاه الصحيح، خاصة في ظل المتابعة والمرونة في اقتراح تعديل الأنظمة والسياسات لكي تواكب رغبة القيادة بجعل سوق العمل السعودية سوقاً جاذبة للكفاءات، ويحفظ حقوق جميع الأطراف التعاقدية، وهذا ما تهدف إليه التعديلات الجديدة.