مؤشرات ومؤثرات حساسة للنمو العالمي

"لا أرى الأساس للركود في الولايات المتحدة"

جانيت يلين، وزيرة المالية الأمريكية

فجأة، ارتفعت وتيرة الحديث عن إمكانية دخول الولايات المتحدة في دائرة ركود في الفترة المقبلة، على الرغم من الأداء الجيد الذي أظهره أكبر اقتصاد في العالم في الآونة الأخيرة.

الأسواق تعرضت لخسائر فادحة في الأسبوع الماضي للسبب الدائم، وهو زيادة حالة عدم اليقين في الاقتصاد الأمريكي أولاً، إضافة إلى عوامل دولية أخرى عديدة. لكن الأمر لم يدم طويلاً، فسرعان ما استعادت هذه الأسواق خسائرها، غير أن ذلك لم ينشر الطمأنينة على الساحة العالمية، لا سيما في ظل الضغوط الكبيرة على النمو في الصين، الذي لا يزال مخيباً للآمال، بينما كان لسنوات عديدة يقود النمو العالمي، بمستويات عالية. الحالة الراهنة، جعلت بالفعل المشرعين في الصين والولايات المتحدة في حالة تردد، قد لا تدوم طويلاً على الأقل من الجانب الأمريكي، إلا أنها تنشر المخاوف المستمرة بشأن النمو العالمي.

ولا شك في أن الصراعات التي تجري في الشرق الأوسط، واستمرار الحرب في أوكرانيا، والتوترات الجيوسياسية التي لا تنتهي هنا وهناك، تسهم في المخاوف على النمو العالمي المتوقع لهذا العام والسنة المقبلة، إلا أن الأعين تبقى متجهة نحو الولايات المتحدة، التي حققت في العامين الماضيين قفزات نوعية على صعيد الأداء الاقتصادي، بما في ذلك تراجع طلبات الإعانة، وانخفاض التضخم، وزيادة الإنفاق الحكومي، ورفع مستويات الدعم المالي لبعض الصناعات التي تعد إستراتيجية. فلا تزال سياسة التشديد النقدي جزءاً أصيلاً من الأداء المالي العام، بالرغم من اقتراب أسعار المستهلكين من الحد الأعلى الرسمي لها عند 2 %، ما يعزز الاعتقاد بشأن المخاوف من توسع تضخمي مفاجئ، قد يضرب ما تم إنجازه في الفترة المقبلة.

التوقعات الراهنة من جهات دولية عدة بشأن النمو العالمي تتفق على تراجعه في العام المقبل من 4 إلى 3 %، إلا أن هناك جهات أخرى بمن فيها البنك الدولي تعتقد بأن هذا النمو سيكون أقل من 3 % في السنة المقبلة، وفي النهاية يبقى هذا المستوى للنمو الأدنى والأبطأ في فترة 5 سنوات على مدى 3 عقود. المؤشرات كلها تدل على أن تباطؤ النمو سيكون حاضراً بحلول نهاية 2025 على الأقل، لكن لا توجد بالفعل مؤشرات واقعية على إمكانية إصابة الاقتصاد الأمريكي بالركود، في السنة المشار إليها، حتى في ظل تأثيرات الانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد، وحتى بنك "جولدمان ساكس" الأمريكي الذي يعد من المتشائمين، تحدث عن احتمال حدوث الركود بـ 25 %، والحق، أنه لا دليلا قويا واحدا حتى اليوم على ركود أمريكي قريب.

وفي كل الأحوال، يمكن للاقتصاد العالمي الذي يعاني بقوة منذ مطلع العقد الحالي، نتيجة لمشكلات متعددة، أن يحافظ على معدلات نمو مستقرة في العام الحالي، بصرف النظر عن مستوياتها، التي ستكون ضعيفة بلا شك مقارنة بما كانت عليه في العقد الماضي على الأقل، النسبة الأكثر واقعية للسنة الحالية ستكون عند 2.6 %، أما المتوسط في الفترة 2025 و2026 سيحوم نحو 2.7 %، وهذه المعدلات الأكثر المنطقية تعكس حقيقة الوضع الاقتصادي العالمي الذي لا يزال يواجه تبعات المصاعب المتتالية التي حدثت (بما في ذلك جائحة "كورونا")، وتلك التي تحدث في الوقت الراهن.

في المحصلة، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيكون أبطأ مما كان عليه في العقد السابق، تلك الفترة التي شهدت استقراراً اقتصادياً دولياً، حتى في ظل المناوشات (بل والمعارك) التجارية الشهيرة التي صبغت آخر سنوات ذلك العقد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي