التأمين التعاوني .. فرص النمو والتحديات
قطاع التأمين التعاوني في السعودية أحد أهم القطاعات التي استفادت من الإصلاح الاقتصادي والدعم الحكومي خلال الفترة الماضية، ولا يزال هذا القطاع ينتظره كثير من الفرص في ظل التحول الكبير للاقتصاد الوطني بالاعتماد على تنويع مصادر الدخل ودخوله طرفا مهما في قطاعات مثل النقل والخدمات اللوجستية وقطاع الصناعة والتجارة خصوصا مع اعتماد معايير عالية في عمل المنشآت في تلك القطاعات.
كما أن هناك عملا على توسيع نشاط خدمات التأمين، ولعل من أبرز ما تم في هذا الشأن أن وزارة الثقافة بالتعاون مع هيئة التأمين دشنت منتج التأمين الثقافي الذي يوفر للقائمين على الأصول الثقافية ومنها مقتنيات الأعمال الفنية تغطية لممتلكاتهم بغرض تعويضهم عن الأضرار المحتملة، وما زالت الفرص كبيرة أمام هذا القطاع ليتوسع في السوق محليا في ظل التنوع الاقتصادي الذي يولد أنشطة اقتصادية متنوعة تحتاج إلى التأمين وتستفيد منه.
من التحديات التي تواجه قطاع التأمين المسار المتوقع لأسعار الفائدة، الذي يتوقع أن يسير في اتجاه الانخفاض وهذا بناء على توقعات المحللين، الذي بني على أساس مؤشرات تتعلق بمخاطر الوصول إلى ركود اقتصادي إضافة إلى الانخفاض الكبير في مستويات التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية.
علاقة شركات التأمين بمسألة الفائدة ومستوياتها قد تكون مختلفة نسبيا عن قطاعات أخرى، حيث إنها تستثمر في أدوات منخفضة المخاطر مثل الصكوك الإسلامية في حالة شركات التأمين التعاوني التي حققت عوائد مرتفعة خلال الفترة الماضية.
وهذا له دور في تحسن العوائد التي تجنيها شركات التأمين بحسب بعض الخبراء، إلا أن ما يميز هذا القطاع في السعودية هو الفرص الكبيرة التي يحصل عليها في ظل تنوع الأنشطة الاقتصادية وتزايد الوعي في المجتمع وفي أوساط المشاريع المتوسطة والصغيرة بأهمية التأمين وأنه أحد أهم أدوات تخفيض المخاطر على الأنشطة التجارية والصناعية.
كما أن الأجهزة الحكومية خصوصا في قطاع النقل والمركبات شددت في مسألة التزام ملاك المركبات بالتأمين، باعتبار عدم التأمين على المركبة وقيادتها في الطرق يعد مخالفة تترتب عليها غرامات مالية.
كما أن قطاع الإنشاءات ألزم بالتأمين على المنشآت على العيوب الخفية فيما يتعلق بمرحلة الإنشاء، وهذا بلا شك له دور كبير في دعم قطاع التأمين والاستفادة من النهضة العمرانية في هذه المرحلة.
التطور الكبير في قطاع التأمين يتطلب مجموعة من المبادرات التي تتعلق بتعزيز هذا القطاع بالكفاءات الوطنية القادرة على الابتكار وتطوير نموذج العمل في هذا القطاع بما يعزز من كفاءته وإضافته إلى الناتج المحلي وتوفير فرص العمل الجيدة للكوادر الوطنية خصوصا أن المجال كبير لتوسع هذا القطاع ونمو إيراداته وارتفاع ربحيته.
من المهم في هذه المرحلة العمل على الاستفادة من التجارب العالمية في هذا القطاع لابتكار نماذج متنوعة للتأمين يستفيد منها المجتمع، والعمل على دراسة وافية للسوق للنظر في الاحتياج والطرق المناسبة لتوعية المجتمع بأهمية هذا القطاع ودوره ليس في مسألة التعويض عن الضرر بل في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الممتلكات للحد كليا أو جزئيا من الأضرار.
فالخلاصة أن التأمين من القطاعات التي استفادت كثيرا من التحولات الاقتصادية في السعودية والتنويع في مصادر الدخل إضافة إلى الأنظمة والتشريعات التي دعمت هذا القطاع، وهنا تأتي أهمية العمل على الاستمرار في عملية التطوير لهذا القطاع ببناء الكوادر الوطنية والابتكار ورفع مستوى الوعي في المجتمع بأهميته.