المعطيات الفنية بعد الإثنين الأسود
بعد قاع الإثنين الأسود الخامس من أغسطس الجاري، التي محت فيه الأسواق العالمية أكثر من 6 تريليونات دولار، من خلال انخفاضها بنسب متفاوتة بين 8 إلى 11 % من قيمتها السوقية مقارنة بإغلاقها لشهر يوليو الماضي، ولم تكن السوق السعودية بمنأى عما حدث لمعظم الأسواق، لكن انخفاضها كان بحدة أقل، حيث انخفضت مطلع أغسطس الجاري ما يزيد على 6% بفارق بسيط، وهي نسبة تعد مقبولة مقارنة بنسبة 11% التي تراجعت بها الناسداك خلال جلستي تداول فقط، وأيضاً تعد مقبولة مقارنة بتراجع الإس آند بي 500 بنسبة تجاوزت الـ 8%، ولا شك أن قوة التراجع في الأسواق العالمية والأمريكية على وجه الخصوص مقرونة بقوة الأرقام القياسية التي حققتها خلال الفترة الماضية، وهي المقارنة التي لا تحظى بها السوق المحلية خلال الفترة نفسها.
عموما استطاعت الأسواق تحقيق ارتدادات مجزية وسخية خلال أسبوعين فقط منذ هبوطها القاسي الخامس من الشهر الجاري، اخترقت خلالها مناطق مقاوماتها القريبة، لكن ربما يكون من المقلق نوعاً ما والملاحظ أن الارتدادات الحالية لم تقترن بها أحجام تداول عالية لتؤكد إغلاق صفحة الهبوط بشكل نهائي، فرغم ارتداد الإس آند بي 500 بنحو 10% كذلك ارتفاع الناسداك بما يزيد على 14%، إلا أن أحجام التداول تراجعت بشكل ملحوظ أثناء الارتداد الحالي، لكن المعطيات بشكل عام حتى الآن تعد جيدة مع ضرورة متابعة أحجام التداول بشكل دقيق واعتبار تفاعلها سلبا مع الارتفاعات الحالية إشارة تحتاج إلى تأكيد بكسر مناطق الدعم التي تم اختراقها كمتوسط الـ50 يوما على سبيل المثال لا الحصر.
من جهة أخرى استطاعت السوق السعودية الارتداد بنسبة أكبر من التي هبطت بها، حيث تراجعت بنسبة قريبة من الـ 6% بينما ارتدت بما يزيد على 7%، بل ومحت خسائرها التي حدثت بالكامل التي شهدتها في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، ولا تزال تتداول أسفل من قمتها الأخيرة التي حققتها قبيل نهاية شهر يوليو الماضي عند 12234 نقطة، وبالتالي فاختراق هذه القمة قد يفسح المجال لها للتحرك إيجابا واختراق مستويات 11300 والوصول إلى منطقة 12450 نقطة كمستهدف قادم بعد تجاوز ما سبق ذكره، مع اعتبار منطقة 11850 دعماً خلال الفترة الحالية.
كما ان السيولة في السوق السعودية خلال الارتداد شهدت بعض الارتفاع، لكن لو نظرنا إلى السيولة خلال شهر كامل منذ 21 يوليو الشهر الماضي وحتى إغلاق السوق الثلاثاء 20 أغسطس الجاري لوجدنا أن صافي السيولة الخارجة أكثر من الداخلة بنحو 600 مليون ريال، وربما يكون ذلك بسبب الحذر فترة الإعلانات وما شهدته الأسواق من تراجعات، ما يجعل زيادة معدلات السيولة الخارجة لا تزال مسيطرة، لكن بالنظر إلى معظم المعطيات الأخرى فإن الإيجابية لا تزال تحتاج إلى جانبين: الأول اختراق القمة الأخيرة عند 12234 نقطة، وثانيها المحافظة على الدعم عند 11850.
وبشكل عام فإن الفترة الحالية التي تمر بها عموم الأسواق تحتاج إلى كثير من المتابعة مع توفير سيولة كافية، للتعامل مع أي تقلبات قد تشهدها الأسواق وذلك عند الحاجة إلى التعديل أو تغيير المراكز، فالسيولة هي التي تقدم الحماية للمحفظة وقت الأزمات، حيث لا تزال معظم هذه الارتدادات تحتاج إلى زيادة تأكيد على أن ما حدث في الخامس من أغسطس الجاري لن يتكرر، وختاما فما سبق هو قراءة للمعطيات الفنية الحالية -إيجابا وسلبا- وليس تحذيرا بقدر ما هي الحاجة إلى بذل مزيد من الاهتمام والمتابعة الفترة المقبلة للأسواق.