عقوبات الغرب تمنع سفر الروس إلى أوروبا وتنعش السياحة الداخلية
في مدينة سوزدال الروسية، على بعد عدة ساعات بالسيارة عن مدينتهما قرب موسكو، تقف ناتاليا أمام كنيسة أرثوذكسية تقليدية بينما يلتقط زوجها الصور خلال إجازتهما، قالت السائحة البالغة 58 عاما: "يتوجّه كثير من الناس إلى أوروبا. لكن هذه فترة صعبة".
على غرار ملايين الروس، قضت ناتاليا وزوجها العطلة الصيفية في بلدهما هذا العام فيما أدت العقوبات الغربية والقيود على السفر إلى إغلاق معظم الوجهات السياحية الأوروبية أمام الروس.
قالت ناتاليا التي قدمت من مدينة إيليكتروستال على بعد نحو 150 كيلومترا: "لطالما كررنا بأننا سنقوم بجولة حول روسيا لدى تقاعدنا، يمكننا القول إن الوقت حان للقيام بذلك".
منذ العملية العسكرية التي نفذها الكرملين في أوكرانيا في فبراير 2022، منع الروس من السفر إلى أكثر من 5 بلدان أوروبية لغرض السياحة. ومع حظر الرحلات المباشرة إلى الاتحاد الأوروبي وتوقف معظم بطاقات الائتمان الصادرة في روسيا عن العمل، فضل كثيرون قضاء عطلاتهم داخل بلدهم.
قال مدير وكالة "سوزدال تور" للسفر ألكسندر كيسيليف إن مواطنينا الروس، يسافرون الآن أكثر في أنحاء البلاد، بما في ذلك إلى سوزدال" مضيفا: "الأمر يتعلق على الأرجح ببعض الصعوبات المرتبطة بالقيام برحلات خارج البلاد".
تراجع عدد الروس الذين يسافرون إلى الخارج بنسبة 44 % بين العامين 2019 و2023، وفق بيانات من شركة تحليلات السوق "ستاتيستا"، إذ تأثر السفر أيضا بجائحة كورونا كوفيد-19.
في الأثناء، ارتفعت رحلات الروس داخل البلاد بشكل قياسي وصل إلى 78 مليونا في 2023، بزيادة 20 % عن العام السابق، وفق بيانات القطاع.
أوروبا مكلفة جدا
تعد سوزدال التي تضم عددا من المباني والأديرة العائدة إلى القرون الوسطى (بعضها إلى القرن الرابع عشر) من بين عديد من المدن الروسية التي تستفيد من ازدهار السياحة الداخلية. وتعرف المدينة بالخيار الذي ينمو فيها والمستخدم في صناعة المربيات والليموناضة وحتى المثلجات.
قالت ناتاليا وهي تقف على ضفاف نهر كامينكا الذي يمر في المدينة: "إن الطبيعة مذهلة، هذا النهر رائع".
خلال النهار، تكتظ شوارع المدينة الضيقة بالسياح الذين يأتون لالتقاط صور لكنائسها ذات القبب الذهبية والقلاع التاريخية المعروفة في المدن الروسية. وبالنسبة للبعض، فإن روسيا باتت الخيار العملي الوحيد.
تقول أولغا التي تبلغ من العمر (52 عاما) وهي تقف لالتقاط صورة على ضفاف نهر كامينكا: "أصبحت أوروبا مكلفة جدا، أعتقد بأن بلدنا روسيا ليست أقل جمالا"، مشيرة إلى أنها سافرت برفقة ابنتها من مدينة ريازان الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر جنوبا.
رحبت الحكومة أيضا بتدفق السياح إذ تأمل بزيادة أعداد المسافرين القادمين من الداخل إلى 140 مليونا بحلول العام 2030، أي ضعف العدد المسجل قبل جائحة كورونا.
تعد موسكو ومنطقة كراسنودار المطلة على البحر الأسود وعاصمة الإمبراطورية السابقة سان بطرسبرغ من بين الوجهات السياحية الداخلية الأكثر شعبية في أوساط الروس. ولا يخفي إيغور وناتاليا انزعاجهما من عدم قدرتهما على السفر إلى أوروبا.
قالت ناتاليا: "نحن في حالة حزن، كانت لدينا كثير من الخطط لأوروبا بالتأكيد، لكننا على ثقة بأن السلام سيأتي وسنعود"، وأضاف زوجها إيغور: "سنرى روما مرة ثانية".