سبتمبر الحلقة الأصعب للمستثمرين

هبطت المؤشرات الرئيسة في السوق الأمريكية الثلاثاء الماضي بنسب متفاوتة لكنها قاسية بالنسبة إلى المستثمرين. فقد تراجع مؤشر SPX بـ 120 نقطة بأكثر من 2% بينما هبط مؤشر الناسداك بأكثر من 570 نقطة وبنسبة تجاوزت 3.25% فيما انخفض مؤشر الداو جونز بأكثر من 620 نقطة وبنسبة تجاوزت 1.5%، فبالنسبة إلى جميع المؤشرات الـ3، الإس آند بي 500 والناسداك وكذلك الداو كان هذا أسوأ يوم منذ الخامس من أغسطس الماضي، ولنرى حجم قسوة التراجع بصورة أكبر ذلك اليوم، فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد انخفضت أسهم إنفيديا بنسبة 9.5% وأدى هذا التراجع إلى محو 279 مليار دولار من القيمة السوقية لها، وهي أكبر خسارة يومية على الإطلاق لشركة واحدة، كما انخفضت شركات الرقائق الأخرى بشدة: حيث أغلقت إنتل منخفضة بنسبة 8.8% وكذلك تراجع معظم القطاع بنسبة متفاوتة.

كما تراجعت أسعار خام برنت خلال جلسة واحدة بما يزيد على 3.5 دولار للبرميل وبنسبة تجاوزت 4.5%، بينما كان تراجع أسعار الذهب أقل حدة حيث انخفض بنسبة 1.25% وبنحو 33 دولارا من سعر الأونصة.

هذه التراجعات الجماعية وبشكل حاد خلال يوم واحد فقط، كانت مدفوعة بعد صدور بعض البيانات الاقتصادية الصادرة عن الولايات المتحدة، ومن هذه البيانات بيان مؤشر مديري المشتريات التصنيعي لمعهد إدارة التوريد لشهر أغسطس، الذي جاء عند 47.2، وهو تحسن عن يوليو الذي كان عند 46.8 لكنه أسوأ من التوقعات التي كانت عند 47.5، وبغض النظر عن ذلك، كان هذا هو الشهر الخامس على التوالي لمقياس النشاط الذي يكون أقل من 50، ما يعني أنه في منطقة الانكماش، كما انخفض مؤشر الطلبات الجديدة الفرعي - الذي يميل إلى أن يكون مؤشرًا رائدًا للنشاط المستقبلي - إلى 44.6، وهو أضعف مستوى له منذ مايو 2023.

فرغم انخفاض التضخم الأمريكي إلى 2.5% على أساس سنوي حسب مؤشر PCE وهو المؤشر المفضل للفيدرالي الأمريكي، واقترابه من هدف الفيدرالي عند 2% إلا أن تراجع أرقام التصنيع وارتفاع معدلات البطالة لا تزال تلقي بثقلها على الأسواق التي تخشى من الوقوع بين حالتي الركود والانكماش، فقد ساعدت الزيادات في أسعار الفائدة على ترويض التضخم، لكنها فرضت أيضا تحديات على قطاعات مختلفة، فقد أدت تكاليف الاقتراض المرتفعة إلى زيادة تكلفة الاستثمار وانحسار التوسع بالنسبة إلى الشركات، في حين أثرت قوة الدولار في الصادرات الأمريكية بشكل سلبي كذلك بالنسبة إلى موازين التجارة العالمية.

ومع توجه بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو تخفيف السياسة النقدية، الذي تتوقع فيه الأسواق بدء تخفيض أسعار الفائدة باجتماع سبتمبر الجاري بنسبة 100%، تنتظر الأسواق غداً الجمعة أرقام معدلات البطالة التي وصلت سابقا إلى نسبة 4.3%، التي تتوقع الأسواق حاليا تراجعها إلى 4.2%، وهو ما يعد أمرا بالغ الأهمية، فأي زيادة عن السابق ستعزز فكرة الركود بينما أي تراجع أكثر من المتوقع قد يدفع الفيدرالي إلى تخفيض أسعار الفائدة بأكثر من ربع نقطة مئوية.

لذلك يعد سبتمبر الحالي مرحلة صعبة على الأسواق والمستثمرين معاً، فما حدث يوم الإثنين الأسود الشهر الماضي لا يزال حاضراً في الذاكرة ونسب التراجع التي حدثت حينها لم تجف حتى الآن. وهذا يعني أن على المستثمر اليقظة والمتابعة المستمرة للأحداث والاهتمام بوجود سيولة احتياطية تكون بمنزلة صمام أمان له عند التقلبات، كما أن استخدام وقف الخسارة يجب أن يكون حاضراً في كل وقت خاصة في مثل هذه المرحلة التي تمر بها الأسواق من حالة عدم اليقين بما يتعلق بالاتجاه العام لها، وما ينطوي عليه هذا الشهر من أحداث وقرارات ستكون لها تبعات الفترة المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي