أسعار النفط تحت الضغط
تكبدت سوق النفط في الأسبوع الماضي أكبر خسارة أسبوعية في 11 شهرا، وسط مخاوف الطلب وتفاقمه نتيجة البيع المكثف لصناديق التحوط، ما أدى إلى اختراق مستويات الدعم الرئيسة وتزايد المشاعر الهبوطية.
هبطت أسعار غرب تكساس الوسيط وبرنت بأكثر من 2 %، الجمعة، عند التسوية إلى 67.67 و 71.06 دولار للبرميل على التوالي، بعد أن أظهرت بيانات زيادة دون المتوقع للوظائف في الولايات المتحدة في أغسطس. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض خام برنت 10 %، في حين هبط خام غرب تكساس الوسيط بنحو 8 %، مع تفوق مخاوف الطلب على قرار "أوبك+" إرجاء زيادة الإنتاج.
كانت المخاوف بشأن ضعف الطلب الصيني، أكبر مستورد للنفط في العالم، في طليعة المشاعر الهبوطية للسوق. أظهرت البيانات الاقتصادية لشهر أغسطس أن قطاع التصنيع في الصين بلغ أدنى مستوى له في 6 أشهر، مع انخفاض ملحوظ في أوامر التصدير الجديدة. كما سجل قطاع العقارات أرقاما مخيبة للآمال، ما أضاف إلى مخاوف الطلب. على الرغم من انتعاش واردات الخام في أغسطس، فإن الطلب الإجمالي لهذا العام ظل ضعيفا، ما زاد من الضغط على أسعار النفط.
كما أسهمت التوقعات الاقتصادية الأمريكية في انخفاض أسعار النفط. حيث، أظهرت بيانات وزارة العمل الأمريكية نموا أضعف من المتوقع في الوظائف في أغسطس، ما أثار المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي الأوسع. أدى انخفاض معدل البطالة إلى 4.2 % إلى بعض التفاؤل لفترة وجيزة، لكن ضعف نمو الوظائف في القطاع الخاص، إلى جانب ضعف إنتاج المصانع، أبقى توقعات الطلب على النفط منخفضة. إضافة إلى ذلك، انخفض استهلاك الخام الأمريكي إلى أدنى مستوياته الموسمية منذ الوباء، ما فاقم من مخاوف الطلب.
على جانب العرض، قدم قرار "أوبك+" إرجاء زيادة الإنتاج المخطط له في أكتوبر بمقدار 180 ألف برميل يوميا بعض الدعم للسوق. يأتي هذا القرار وسط مخاوف هشاشة الطلب، خاصة مع ضعف الاستهلاك في الأسواق الرئيسة مثل الصين. على الرغم من أن هذا التأخير قد قدم دعما للأسعار لفترة وجيزة، فإنه فشل في وقف الزخم الهبوطي العام. لا تزال السوق تركز على تحديات الطلب بدلا من قيود العرض، ما يترك أسعار النفط الخام تحت الضغط. تواجه "أوبك+" مهمة صعبة لتحقيق التوازن حيث تقيم ظروف السوق مقابل أهداف إنتاجها.
احتمالية التوصل إلى صفقة لاستعادة إنتاج ليبيا زاد أيضا من الضغوط الهبوطية على أسعار النفط، حيث تشير التطورات السياسية الجارية إلى إمكانية حدوث زيادات أخرى في العرض. لا تزال الصادرات متوقفة في الأغلب، لكن تم السماح ببعض التصدير من الخزين. وعلى الرغم من الاضطرابات في البحر الأحمر، تجاهلت السوق إلى حد كبير هذه المخاوف، وركزت بدلا من ذلك على احتمال انتهاء النزاع في ليبيا.
من جهة أخرى، قدم السحب الكبير من مخزونات النفط الأمريكية بمقدار 6.9 مليون برميل دعما لأسعار النفط في منتصف الأسبوع. مع ذلك، تأثير هذه البيانات كان قصير الأجل، وظلت السوق تركز على مخاوف الطلب. سلط سحب المخزون الضوء على دعم مؤقت من جانب العرض، لكن دون طلب قوي، كان تأثيره في الأسعار ضئيلا. وعلى الصعيد العالمي، يتجاوز الطلب العرض أيضا، لكن مع اقتراب موسم القيادة من نهايته، فقد يكون ذلك على وشك الانتهاء، ما يترك السوق في وضع صعب بعض الشيء.
من المتوقع أن تظل سوق النفط تحت الضغط في الأسابيع المقبلة، حيث من المرجح أن تهيمن مخاوف الطلب في الاقتصادات الكبرى على معنويات السوق. على الرغم من أن إرجاء "أوبك+" زيادة الإنتاج وسحب المخزونات الأمريكية بشكل أكبر من المتوقع يقدمان بعض الدعم، فإن المعنويات العامة في السوق تظل هبوطية. وفي غياب أي اضطرابات جيوسياسية كبيرة أو انعكاس مفاجئ في البيانات الاقتصادية، من المتوقع استمرار التقلبات الكبيرة والانخفاض المحتمل في الأسعار.