حالة عدم اليقين وانعكاساتها على السوق السعودية

لا تزال الأسواق تعاني حالة عدم اليقين حيث يظهر ذلك جلياً من خلال التذبذبات الحادة التي تشهدها الأسواق أخيرا، كما أن الضغوطات التي تؤدي دورا بارزا على الأسواق لا تزال مستمرة من خلال البيانات الاقتصادية الصادرة عن الولايات المتحدة سواء فيما يتعلق بمؤشرات التوظيف أو مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الذي أظهر انكماشه للشهر الخامس على التوالي، ومع أن تباطؤ سوق العمل هو علامة أخرى على أن التضخم قد هُزم إلى حد كبير، فإن تراجع الأرقام الأخيرة بالتوظيف يشكل قلقا على الاقتصاد، حيث جاءت أرقام أغسطس عند 140 ألف وظيفة وهي أقل من التوقعات، بينما تم تعديل نمو يوليو إلى 89 ألفا وهذا يشكل اتجاهًا هبوطيًا حادًا من متوسط المكاسب الشهرية البالغ 207 آلاف خلال النصف الأول من العام الجاري.

هذه البيانات المقلقة نوعا ما دفعت الأسواق لحالة من عدم الاستقرار، وعلى الرغم من توقع الأسواق قرب بدء خفض أسعار الفائدة وبرغم تراجع التضخم فإن خشية الوقوع بحالة الركود دفعت شهية المخاطرة إلى التراجع، مع تزايد المخاوف من التباطؤ الذي يصاحب كل دورة اقتصادية.

ويرى المتداولون الآن فرصة بـ34 % لخفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة في اجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل، على الرغم من أن الرهان الأغلب لا يزال على ربع نقطة، وقد يؤدي خفض نصف نقطة إلى تفاعل الأسواق إيجاباً، لكنه سيشير أيضًا إلى توتر بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن الاقتصاد، وربما يوفر خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة دفعة مؤقتة، لكن من غير المرجح أن يكون له التأثير المستدام اللازم لمواجهة التحديات المتعددة التي تواجه الاقتصاد الأمريكي.

من جهة أخرى لم تكن أسواق النفط بمنأى عن التقلبات التي شهدتها أسواق الأسهم، فقد واصلت أسعار خام برنت التراجع للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك بعد استقرارها عند مستويات 71 دولارا للبرميل، لكنها أكملت انخفاضاتها يوم الثلاثاء الماضي لتكسر حاجز الـ70 دولارا وتصل إلى سعر 68.64 دولار، وهو مستوى لم يزره خام برنت منذ نحو 3 سنوات وتحديدا منذ ديسمبر 2021.

ويعد النفط ترمومترا لقياس حالة الاقتصاد العالمي حيث إن أي نمو أو انكماش ينعكس على الأسعار، لذلك تحظى أسعار النفط بمتابعة شديدة من المستثمرين، وقد أسهم تقرير أوبك الصادر يوم الثلاثاء الماضي في تراجع الأسعار، حيث خفضت "أوبك" توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط للعام الحالي والمقبل، كما أشارت إلى تأثير التحول نحو المركبات الكهربائية على الطلب في الصين. ومن الناحية الفنية تعد منطقة 65 دولارا للبرميل منطقة دعم ومستهدفا فنيا طالما بقيت الأسعار تتداول أقل من 74دولارا للبرميل.

من جانب آخر فإن اتفاق المرشحين الأمريكيين للرئاسة "ترامب وكاملا" على قانون زيادة التعرفة الجمركية على الواردات الصينية، ففي حال فوز أحدهما سيؤثر القانون في التجارة العالمية، خاصة إذا قابله رد مماثل من الصين كما حدث سابقا بعهد الرئيس ترمب، حيث يسعى المرشحان الأمريكيان إلى حماية قطاع الصناعة الأمريكية من المنافسة الصينية داخل الولايات المتحدة.

من جهة أخرى فإن تراجع أسعار النفط والأسواق العالمية من المتوقع أن يكون لها انعكاس سلبي على السوق السعودية تداول، لذلك من المهم كما تحدثنا بمقالنا الأسبوع الماضي من الاهتمام بتفعيل وقف الخسارة وتوفير سيولة احتياطية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي