سفن الصحراء .. عذبة كالحداء

سفن الصحراء .. عذبة كالحداء
DST_2171443_6689123_43_4_2024091423070565
سفن الصحراء .. عذبة كالحداء
DST_2171443_6689122_43_4_2024091423070565
سفن الصحراء .. عذبة كالحداء
DST_2171443_6689120_43_4_2024091423070565
سفن الصحراء .. عذبة كالحداء
DST_2171443_6689121_43_4_2024091423070565

يقف دمع الناقة على جفن عينها، وينهمر سقوطا بذات الحب والتعلق والوفاء، الذي تحمله في عمق مشاعرها اتجاه من تحن إليه وتشتاق، فلا فرار من الدمع حتى موعد لقاء الحبيب، الذي تترقب صدى صوته ليناديها بعذب الحداء فتأتي ملهوفة وتمشي الهوينا كما يمشِي الوَجي، فيبادلها صاحبها بذات المشاعر وتجلياته، وتحتل الإبل مكانة لدى أصحابها، وتربطهما منذ أمد علاقة وطيدة امتدت فياضها عبر التاريخ من خلال حوارات وحكايات وأحاسيس، تميزت بالمكانة بينهما في طائع الوفاء والإخلاص، وتجلت فيها سلوكيات الولاء والحب والانتماء الذي تظهره الإبل تجاه أصحابها، لتؤكد من خلال ذلك بأنها رفيق حقيقي للإنسان تسهر من أجله وتدمع لأجله وتموت من أجله، حتى أضحت رفيقة الفرح والترح.

"واس" عايشت الجزء الأهم في تسليط الضوء على صورة الإبل وعلاقتها برعاتها، والمشاعر التي تنتاب الإنسان وتنتابها في البيئات الصحراوية القاسية أو في الفيافي الغناء، وما يتجلى من خلال تتابع حركات أصحابها وحركاتها حين موعد اللقاء والعلاقة الرحبة بين الإنسان والإبل مع التواصل اليومي، مستقرئين في هذا التقرير سلوكيات بشرية إزاء المواقف الإبلية المتنوعة. فقد نوه المواطن بندر العدواني بما تجسده ناقته "النعامة" المحبوبة إلى قلبه من بين العشرات الأخريات، واصفا إياها برفيقة الدرب، الذي لا يستطيع تخيل قساوة حياته من دون ناقته العربية الأصيلة، وقال "تقودني مشاعري عند كل صباح ومساء إلى أرض ومراح إبلي" لأكون قريبا ومراقبا لصحتها وأكلها ومشربها، حيث أشعر اتجاهها بعلاقة استثنائية وحيوية ودافئة، وارتباط مشترك بيني وبينها".

وأضفى في حديثه أنه بعشقه للإبل وقضائه الكثير من الوقت بجانبها، يدخل وسطها دون أن يحمل "العصا"، ليجتمعوا في جو مشاعري متبادل، وخصوصا مع ناقته النعامة التي تسمع أعذب الحداء بصوته وتلامس أنامله أطراف وجهها ورقبتها بطريقة ناعمة لتستشعر منه في كل يوم الحنان الذي تجده من رفيقها، وفي الوقت ذاته تتساقط الدمع من بعض الإبل القريبات، وكأنها طُربت في سماع صوت صاحبها وشدوه، مشيرا إلى أن أبناء البادية في الجزيرة العربية يدركون مشاعر إبلهم، حتى أنهم لا يستطيعون العيش من دونها، وهو حب متجذر توارثوه الأبناء عن الآباء والأجداد، وعندما نسمع عن قصص الوفاء في بني البشر نلامس ما تتحدث فيه الألسن عن وفاء الإبل لأصحابها، وتغنى بأبله موضحا أنها خلقت جميلة جدا، فهي تبهرك حين تمشي وحين ترد الماء وحين تبرك، وعندما تعتلي على ظهورها راكبا، إذ نجسد في هذا الوطن الغالي وتاريخه وثقافته وتراثه، على حزم رعايتها.

الأكثر قراءة