جغرافية الثراء الفاحش وأصحاب التسوق المفرط تبتعد عن أوروبا .. مجد القارة يتلاشى
قبل قرون عدة، كان كونك من بين أغنى سكان أوروبا يعني العيش في أهم عواصمها التجارية، والعمل في الصناعات المربحة، لكن هذا لم يعد الواقع.
عندما يتعلق الأمر بالأثرياء أصحاب التسوق المفرط، فإن أوروبا تتخلف كثيرا عن آسيا وأمريكا، وفقا لأحدث تقرير من شركة هينلي آند بارتنرز.
يركز التقرير الذي يغطي الفترة بين 2013 و2023، على نمو فاحشي الثراء الذين تتجاوز ثرواتهم 100 مليون دولار. زادت هذه المجموعة أكثر من 50% في هذه السنوات الـ10، مع انضمام نحو 30 ألف فرد إلى نادي الأثرياء، بحسب مجلة فورتشن.
لكن النمو المذهل في الثروة لم يكن متساويا، إذ تتخلف أوروبا بهامش كبير. ولم يزد عدد أصحاب الملايين في القارة العجوز إلا 26 %، أي نصف معدل النمو العالمي.
قال يورج ستيفن، الرئيس التنفيذي لشركة هينلي آند بارتنرز، التي تحلل توجهات الثروة الخاصة والهجرة: "من الواضح أن قصة أصحاب الملايين هي قصة حيوية وتغيير، من الطفرات التي تحركها التكنولوجيا في الصين والولايات المتحدة، إلى ظهور مراكز ثروة جديدة في شتى أنحاء العالم، تتحول جغرافية الثراء الفاحش بعيدا عن أوروبا".
لن يتوقف هذا التوجه في أي وقت قريب. ستكون لندن الخاسرة الكبرى في أوروبا، حيث من المقرر إضافة أقل عدد من أصحاب الملايين إلى القائمة المتزايدة باستمرار بين الآن و2040.
وفي الوقت نفسه، تشير التقارير إلى أن أمثال دبي وشنتشن ستصبح أرضاً خصبة لأصحاب الملايين الجدد.
مع ذلك، الكنوز الخفية للثروة الأوروبية موجودة في بعض الأجزاء الأقل شهرة في المنطقة. ولنتأمل هنا موناكو ومالطا وبولندا، حيث يتوقع أن يرتفع عدد أصحاب الملايين 75% أو أكثر.
كان توجه الأثرياء الفارون من أوروبا مدفوعا بمجموعة من العوامل، منها عدم اليقين السياسي المتزايد، وتحول السياسات الضريبية في إيطاليا والمملكة المتحدة، وسنوات من التداول الضعيف، مقارنة بمنافسيها على جانبي الكرة الأرضية. لكن الولايات المتحدة استفادت أكثر من هجرة الأثرياء، وزيادة سيولة سوق الأوراق المالية، وتكون الثروة بشكل عام.
في الماضي غير البعيد، كانت بريطانيا وفرنسا من أغنى دول القارة والعالم. كما ازدهرت المنطقة الأوروبية وجميع اقتصاداتها بعد الثورة الصناعية أيضا.
من المفارقات الآن أن عديدا من الأثرياء يفرون من دول مثل المملكة المتحدة، ويتفاقم الأمر بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفقا لتقرير صادر عن يو بي إس، قد تفقد بريطانيا وحدها 500 ألف مليونير في غضون السنوات الـ5 المقبلة. وستكون بلجيكا وألمانيا وإسبانيا من بين الوجهات التي يقصدها أثرياء بريطانيا، الذين يبحثون عن مكان أفضل لإيداع أموالهم.
في الوقت الحالي، لا يزال هناك مجال لتكوين ثروة، في باريس مثلا، المدينة الأوروبية الأعلى مرتبة من حيث الزيادة في عدد أصحاب الملايين.
ويبقى السؤال: ماذا سيحدث لأوروبا وشعوبها إذا أُعيق تكوين الثروة في المستقبل مقارنة ببقية العالم؟