خافير بلاس: "أوبك +" أمام تحدٍ جديد بسبب خط غاز في تكساس

خط أنابيب غاز "ماترهورن إكسبريس" الجديد سيدخل الخدمة خلال أسابيع لنقل كميات كبيرة من الغاز من حوض "بيرميان" إلى ضواحي هيوستن.

    إنتاج الشركات الأمريكية من الغاز المصاحب زاد بأكثر من 3 أضعاف منذ 2018، متجاوزاً الطلب المحلي وقدرة النقل.

    ميزة النفط الصخري في قدرته على تعديل الإنفاق وفقاً للظروف، ما قد يعقّد جهود "أوبك+" للسيطرة على السوق.

    قد يرتفع إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى 20.4 أو20.5 مليون برميل بنهاية العام.

    يُتوقع أن يدخل خطا أنابيب آخران حيز التشغيل في 2026، وخط ثالث في 2027.

يبدو أن المنطق يفرض على صناعة النفط الصخري الأمريكية أن تبطئ من وتيرتها في ظل التحديات الحالية. ففي ظل انخفاض أسعار النفط 25% خلال العام الماضي، يُفترض أن تستجيب الشركات بتقليص عمليات الحفر. ورغم ذلك، فإن إنتاج النفط الأمريكي يستعد للنمو بوتيرة أسرع مرة أخرى. سيأتي هذا الاندفاع في نشاط النفط الأمريكي في وقت غير مواتٍ بالنسبة إلى تحالف أوبك+ الذي تقوده السعودية وروسيا، ويواجه بالفعل سوقاً تفيض بالإمدادات، خصوصاً في أوائل 2025. السبب الذي يجعل إنتاج النفط الأمريكي يمثل تحدياً للدورة الطبيعية لسوق السلع لا يتعلق بشكل مباشر بالعرض أو الطلب على النفط فقط، بل يرتبط بشكل أكبر بالغاز الطبيعي. دعوني أوضح هذه النقطة.


الغاز المصاحب يفاقم المشكلة

عندما تقوم شركات النفط الصخري بالحفر في حوض "بيرميان"، وهي منطقة غنية بالطاقة تمتد من غرب تكساس إلى جنوب شرق نيو مكسيكو، فإنها عادة تضخ بعض الغاز الطبيعي إلى جانب النفط. وقد ارتفع إنتاج هذا الغاز "المصاحب" إلى أكثر من 3 أضعاف منذ 2018، ما أدى إلى تجاوز الطلب المحلي وقدرة شبكات الأنابيب على استيعابه ونقله.

فماذا كانت النتيجة؟

انخفضت أسعار الغاز الطبيعي في حوض "بيرميان" إلى درجة أن المنتجين اضطروا إلى دفع المال إلى المستهلكين للتخلص من الغاز. مشكلة الأسعار السلبية، كما تُعرف الحالة، ليست جديدة. فقد عاناها "بيرميان" أحياناً على مدى السنوات القليلة الماضية، لكن منذ أوائل 2024 أصبحت الأسعار السلبية هي الوضع المعتاد، وازدادت الفجوة السعرية مع مرور شهور العام.
تُظهر بيانات من "ناتشورال غاز إنتليجنس" (Natural Gas Intelligence) أن أسعار الغاز في "واها"، وهي مركز تجاري مهم في "بيرميان"، كانت دون الصفر خلال 46% من أيام العام الجاري، بما في ذلك تقريباً كل يوم منذ 26 يوليو. في أدنى نقطة هذا الشهر، أُجبرت شركات الطاقة في "بيرميان" على دفع رقم قياسي بلغ نحو 5.2 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية للتخلص من الغاز. قبل عام، كانت شركات النفط الصخري تتلقى نحو دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز.
سعياً لتجنب دفع مبالغ قياسية لبيع غازها، خفضت شركات النفط الصخري عدد الآبار الجديدة التي تدخل حيز الإنتاج، بل ذهبت بعض الشركات إلى حد إغلاق الآبار القائمة نهائياً.
في حديثه إلى المستثمرين في الشهر الماضي، قال ترافيس ستايس، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "داياموندباك إنرجي" (Diamondback Energy Inc) المنتجة للنفط الصخري: "قلصنا إنتاج النفط قليلاً لضمان خفض إنتاج الغاز لدينا في الربع الماضي، وواصلنا ذلك خلال الربع الثالث". نتيجة لذلك، لم يزد إنتاج النفط في "بيرميان" كما كان متوقعاً، خاصة خلال الربع الثاني من هذا العام.

خط أنابيب "ماترهورن" ودوره

لكن هذا الوضع على وشك أن يتغير مع دخول خط أنابيب "ماترهورن إكسبريس" (Matterhorn Express) الجديد إلى الخدمة. يمتد الخط على مسافة 580 ميلاً من منطقة "بيرميان" إلى ضواحي هيوستن، ويتيح نقل كمية كبيرة من إنتاج الغاز في المنطقة. من المتوقع أن يبدأ الضخ خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ما سيمكّن الشركات من نقل الغاز إلى مراكز الطلب بالقرب من خليج المكسيك الأمريكي، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار الإقليمية. كما يُتوقع دخول خطي أنابيب إضافيين الخدمة في 2026، وخط ثالث في 2027.
في الوقت الحالي، يُعد خط "ماترهورن" الركيزة الأساس. مع بدء الضخ التجاري، يُفترض أن تشهد أسعار الغاز في منطقة "واها" تعافياً، ما سيمنح شركات النفط الصخري دفعة قوية. ونتيجة لذلك، ستعيد الشركات تشغيل بعض الآبار الجديدة التي تم تأخير تشغيلها، وستتوقف عن تقليص إنتاج الآبار الحالية. هذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة إنتاج النفط خلال الربع الرابع من 2024 والربع الأول من 2025، حسبما أخبرني مسؤولون تنفيذيون. ومع ذلك، لا يزال حجم هذه الزيادة واستدامتها غير مؤكدين، نظراً لوجود عوامل قوية أخرى تؤثر في السوق، مثل انخفاض الأسعار.
مع ذلك، من المتوقع أن يرتفع إجمالي إنتاج النفط الأمريكي، الذي بلغ 20.2 مليون برميل يومياً في يوليو، وهو آخر شهر توافرت عنه بيانات موثوقة، إلى ما بين 20.4 و20.5 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام. إذا تحقق هذا الارتفاع بحلول ديسمبر، فسيكون إجمالي الإنتاج أعلى بنحو 400 إلى 500 ألف برميل يومياً مقارنة بديسمبر 2023. لكن هذا النشاط المفاجئ في حوض "بيرميان" قد يتراجع سريعاً إذا ظلت أسعار النفط الأمريكي أقل من 70 دولاراً للبرميل، كما هي في الوقت الحالي. بالنسبة لشركات النفط، فإن ميزة النفط الصخري تتمثل في القدرة على تعديل الإنفاق بسرعة استجابةً لتغيرات السوق، على عكس المشاريع الكبرى لشركات النفط التقليدية، التي قد تستغرق سنوات، أو حتى عقوداً، لإتمامها. ومع ذلك، على الأقل خلال الأشهر القليلة المقبلة، قد يعقّد هذا النمو المفاجئ جهود تحالف "أوبك+" في السيطرة على السوق.

باختصار

يعتقد الكاتب خافير بلاس أن تحالف "أوبك+" يواجه تحدياً جديداً يتمثل في زيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي، الذي من المتوقع أن يتسارع على الرغم من انخفاض أسعار النفط. السبب الرئيس في هذا التحدي هو الغاز الطبيعي المصاحب الذي يتم إنتاجه مع النفط في حوض "بيرميان"، حيث تجاوز العرض الطلب المحلي، ما أدى إلى انخفاض أسعار الغاز لدرجة دفع المنتجين أموالاً للمستهلكين للتخلص منه. ومع دخول خط أنابيب جديد "ماترهورن إكسبريس" في الخدمة قريباً، سيمكن الشركات من نقل الغاز إلى مراكز الطلب ورفع الأسعار الإقليمية، ما سيدفعها لزيادة إنتاج النفط مجدداً. هذه الزيادة قد تؤثر في جهود "أوبك+" في التحكم في السوق، خصوصاً إذا استمر انخفاض أسعار النفط.

خاص بـ " بلومبرغ"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي