ما الذي يعنيه خفض الفائدة للأسواق؟
بدايةً من المعلوم أن رفع أسعار الفائدة يعد مؤثرا سلبياً في عموم الأسواق من أسهم وسلع وغيرها، لما له من تأثير سلبي في أرباح الشركات من حيث ارتفاع تكلفة الاقتراض وانحسار توسعها، كذلك فإن ارتفاع أسعار الفائدة يعزز من قوة الدولار وبالتالي يؤثر سلباً في السلع المقومة بالدولار كالذهب والنفط وغيرها ما يرفع تكلفة حيازتها ويسهم بضعف الطلب عليها.
ما سبق يعد من أساسيات الأسواق وبالوقت نفسه لا يعد وحده المؤثر الوحيد، لذلك فبالرغم من ارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية فقد ارتفعت أسواق الأسهم حيث شهدت طفرة خلال فترة ارتفاع أسعار الفائدة بل وحققت أرقاما تاريخية وقمما جديدة كما حدث بالمؤشرات الأمريكية، وذلك بدعم كبير من ارتفاع أسهم التكنولوجيا التي تتربع على عرشها شركات"Magnificent Seven" أو العظماء السبعة التي جاءت بدعم لا محدود ما يسمى بطفرة الذكاء الاصطناعي، وبما يتعلق بأسواق السلع فقد حققت أسعار المعدن الأصفر -الذهب- كذلك قمما تاريخية خلال نفس الفترة، بدعم من زيادة حيازة البنوك المركزية من الذهب منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.
لماذا يعد ما سبق مهما كمقدمة؟ لنعلم أن ما يحرك الأسواق عموما هي مجموعة من المؤثرات الإيجابية والسلبية وأيهما طغى على الآخر سارت الأسواق باتجاهه، ولا يعني ذلك إهمال جانب دون آخر حتى لو تم تجاهله لبعض الوقت.
حاليا تستعد الأسواق لبدء الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة التي وصلت لمستويات عالية منذ بدئها من أكثر من عامين، وبطبيعة الحال فلكل حدث يكون هناك طرفاً مستفيداً وآخر متضرراً، لذلك تعد الشركات التي لديها قروضا كبيرة من المستفيدين من تخفيض الفائدة حيث ستنخفض التكلفة عليها,.
كما ستستفيد شركات القطاع المصرفي المعتمدة على قطاع الأفراد حيث ستستعيد زخم الإقراض لهم الذي تقلص بنسبة كبيرة جراء ارتفاع الفائدة خلال العامين الماضيين وحتى منتصف الربع الجاري، وبالوقت ذاته ستتضرر الشركات التي لديها نسبة ودائع عالية حيث ستنخفض نسبة الأرباح لديها، كذلك سيسهم خفض سعر الفائدة في ضعف الدولار بالتالي سيخفض تكلفة حيازة السلع المقومة بالدولار كالنفط والذهب ما يعزز الطلب عليها.
هذا من جهة القطاعات المستفيدة والمتضررة من خفض أسعار الفائدة بشكل مختصر، ولكن السؤال هنا هل سيكون خفض أسعار الفائدة هو المؤثر الوحيد لدعم الأسواق؟ بالتأكيد سيكون الجواب لا، حيث خفض الفائدة يعد أمرا إيجابيا ولكن البدء بخفضه لن يكون نهاية المطاف بل مجرد بدايته حيث إنه لا يزال قريبا من الذروة هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك مخاوف لدى المستثمرين من حالة الركود الذي اقترن تاريخياً بأغلب دورات خفض الفائدة، الذي تسبب سابقاً بضعف الطلب وتراجع النمو وارتفاع البطالة ما يشكّل هاجسا لدى المستثمرين، خاصة مع تراجع مؤشرات الثقة الاقتصادية أخيرا في ألمانيا ومنطقة اليورو التي جاءت سلبية بل وبأسوأ من التوقعات، كما طالب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي هذا الأسبوع الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بـ 75 نقطة أساس, محذرين من أن تأخر الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة سيعرض اقتصاد البلاد نحو الركود.
لذلك على المستثمر الموازنة بين المؤثرات الإيجابية والسلبية، ومتابعة تفاعل الأسواق مع الأحداث أولاً بأول، وعدم إغفال القطاعات الدفاعية التي لا تتضرر بحالة الاقتصاد إضافة إلى القطاعات المستفيدة من تخفيض أسعار الفائدة، وموازنة الأخطار بشكل جيد.