ازدهار سوق الفنون الإفريقية يبرز صعود طبقة المليونيرات الأفارقة البالغ عددهم 140 ألف
خلال العقدين الماضيين، تعرضت سوق الفن الإفريقية لتحول كبير، إذ ظهرت سوق الفنون الإفريقية كنقطة محورية لهواة الجمع والمستثمرين والمؤسسات الثقافية على مستوى العالم.
يرى بعض الخبراء تحدثوا لـ"الاقتصادية"، أن ازدهار سوق الأعمال الفنية الإفريقية يبرز صعود طبقة المليونيرات الأفارقة البالغ عددهم 140 ألف إضافة إلى المليارديرات الذين أدوا دورا محوريا في نمو هذه السوق.
تشير الأرقام المتاحة إلى أن مبيعات الفنون الإفريقية بلغت نحو 450 مليون دولار أمريكي العام الماضي، ويمثل هذا الرقم قفزة كبيرة مقارنة بعام 2010 عندما لم تتجاوز مبيعات الفنون الإفريقية على مستوى العالم 180 مليون دولار.
تدفع الزيادة في الطلب العالمي على الفنون الإفريقية إلى التساؤل حول الأسباب والآفاق المستقبلية، وهل تقف أسواق الفنون أمام ظاهرة مستدامة أم أنها طفرة مؤقتة سرعان ما ستنتهي؟
يقول الخبير في مجال تقييم اللوحات الفنية هربرت كول "نحن أمام ظاهرة مستدامة في اقتصاديات الفنون"، مبينا أن كبريات دور المزادات العالمية مثل دار سوذبي وكريستيز، كانت في أفضل الأحوال تضع بعض الأعمال الفنية الإفريقية على هامش مزاداتها للوحات العالمية، أما اليوم فهي تخصص عروض مزادات بكاملها للفنون الإفريقية فقط.
حول أسباب هذا الاهتمام، يعلق كول لـ "الاقتصادية" قائلا: "العائد الاستثماري يؤدي دورًا مهما في زيادة الطلب على الفنون الإفريقية، إذ ارتفعت قيمة أعمال الفنانين الأفارقة الرائدين بشكل كبير. على سبيل المثال، بيعت أعمال الفنان الغاني إل أناتسوي بـ850 ألف دولار أمريكي عام 2015، واليوم تتجاوز قيمتها 3.5 مليون دولار. متوسط العائد السنوي على الاستثمار في الفنون الأفريقية بلغ خلال العقد الماضي 15%".
جوانب أخرى تعزز تلك الرؤية؛ فجامعو التحف الأثرياء ينوعون محافظهم الاستثمارية بالاستثمار في الفن الإفريقي الذي أظهر مرونة حتى في فترات عدم الاستقرار الاقتصادي. كما أن المؤسسات الكبرى مثل متاحف الفن الحديث زادت من اقتنائها للفنون الإفريقية، ما رسخ القناعة في سوق الأعمال الفنية بأن الاستثمار في أعمال الفنانين الأفارقة هو اتجاه استثماري عالمي طويل الأجل.
قال الناقد الفني أليستر كامبل لـ "الاقتصادية: "قدر عدد المليونيرات في القارة الإفريقية العام الماضي بأكثر من 140 ألف مليونير، بثروة إجمالية تبلغ 1.7 تريليون دولار، كما نما عدد المليارديرات الأفارقة وارتفعت ثروتهم بنحو 17% في العقد الماضي، هؤلاء الأفراد من أصحاب الثروات الكبيرة يستثمرون في الفنون الإفريقية الأقرب إلى ذوقهم النفسي".
يرى البعض أن الأثرياء الأفارقة لديهم رغبة في إعادة الاتصال بتراثهم الثقافي والحفاظ عليه، وينظرون إلى جمع الأعمال الفنية بوصفها مصدرًا ماليًا وثقافيًا، كما أن امتلاكهم لقطع فنية مهمة يكسبهم مكانة اجتماعية مميزة. يعزز هؤلاء الأثرياء هذا الاتجاه عبر جمعيات ومؤسسات فنون ومتاحف خاصة، ما يزيد من تحفيز الطلب.
على الرغم من ذلك، يرى بعضهم أن قدرة سوق الفنون الإفريقية على مواصلة النمو محل شك، وفي أفضل التقديرات ستظل سوقًا منتعشًة، لكن بصبغة محلية دون أن يمتلك القدرة على تحقيق اختراق استثماري عالمي على غرار الأعمال الفنية للفنانين الغربيين.
من جانبها، قالت سوزي جولدمان، الاستشارية في مجال الفن المعاصر لـ "الاقتصادية": "وفقًا لتقرير شركة آرت تاكتيك، فإن مبيعات المزادات العالمية للفن الإفريقي الحديث والمعاصر تقلصت 8.4% العام الماضي، القارة الإفريقية تفتقر إلى المعارض ودور المزادات والمؤسسات الفنية الراسخة التي نجدها في الغرب وآسيا. وعلى الرغم من وجود مواهب إفريقية، فإن أغلبهم ناشئون ولا يزالون يبنون محافظهم الفنية، ما يعني أن العرض عالي الجودة لم يلبِ الطلب الدولي بالكامل".
تشير أغلب التقديرات إلى أن سوق الفنون الإفريقية ستنمو بمعدل نمو سنوي 18% على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، خاصة في ظل تضافر عاملين يعززان هذا الاتجاه. فالقارة السمراء موطن لـ6 من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، ومع توسع الطبقة المتوسطة وزيادة الثراء في القارة، يتوقع زيادة الطلب المحلي على الفن الإفريقي.
كما أن تنامي المنصات الرقمية المتخصصة في مجال الأعمال الفنية أزال الحواجز الجغرافية، وجعل وصول جامعي التحف العالميين إلى الأعمال الفنية الإفريقية أكثر سهولة.