حماية الطفل في الفضاء السيبراني .. مبادرة سعودية
القاسم المشترك في كل المبادرات السعودية العالمية أن يكون خيرها عاماً.. ويستفيد منها أكبر عدد ممكن من سكان الأرض، ولعل آخر مثال على ذلك القمة العالمية لحماية الطفل في الفضاء السيبراني التي عقدت في الرياض الأسبوع الماضي برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ومشاركة نخبة من قادة الفكر وصناع القرار وأبرز الجهات الدولية ذات العلاقة، انسجاماً مع المبادرة العالمية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني من خلال زيادة الوعي العالمي لدى صناع القرار بشأن التهديدات المتزايدة التي يواجهها الأطفال، حيث أكد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عند الترحيب بالمشاركين في القمة نيابة عن الملك "أن بلادنا منذ تأسيسها قوة خير لكل ما فيه صالح البشرية ورخاء الإنسان حول العالم". وأضاف: "إيماناً من المملكة بأهمية القطاع الحيوي الواعد أطلقنا في عام 2020 مبادرتين عالميتين، الأولى تعنى بحماية الطفل في الفضاء السيبراني، والثانية بتمكين المرأة في مجال الأمن السيبراني، وقد أثمرت تلك الجهود ببرامج ومشاريع نوعية تمكن صناع القرار حول العالم من تطوير السياسات والبرامج التي تعزز من تدابير حماية الطفل في الفضاء السيبراني وتدعم مشاركة المرأة في مجال الأمن السيبراني".
ولكي نعلم مقدار تنامي الاهتمام بالأمن السيبراني واقتصاديته يكفي معرفة أن حجم سوقه خلال العقدين الماضيين تجاوزت ترليوني دولار، وارتفعت الاستثمارات في هذا القطاع 91% خلال العام الحالي، أي إنه نما بوتيرة أسرع بـ4 مرات من نمو الاقتصاد العالمي بحسب تقرير للمنتدى الدولي للأمن السيبراني. كما أن حماية الطفل في الفضاء السيبراني يحظى بمكانة متقدمة لدى الفاعلين في هذا القطاع تتبين من الأرقام التي وردت في تقرير صادر عن المنتدى، ومنها أن 93% من الأطفال يصبحون فاعلين في المجال السيبراني في سن الـ12 عاماً، وأن 81% من الأطفال يتفاعلون يومياً في الفضاء السيبراني، وأن 72% تعرضوا -ولو لمرة واحدة- لأحد أنواع التهديد السيبراني، كما أن واحدا من كل 5 أطفال تعرضوا للتنمر أو مضايقات جنسية عبر الإنترنت.
وأخيراً: فإن حماية الأطفال تتطلب تعاوناً من الأهل والمدارس والأطفال أنفسهم، وفي نظري أن المسؤولية الكبرى تقع على الأهل لمراقبة تعامل أطفالهم مع الفضاء السيبراني وتطبيق تعليمات الجهات المشرفة التي جاءت كما ذكرنا نتيجة الدراسات المعمقة، إلى جانب التوسع في حملات التوعية بأساليب تخاطب شرائح المجتمع بما يناسبهم، وبإتقان بات مألوفاً عن الشركات الإعلامية المحلية، فالدراسات تشير إلى أن 95% من حوادث الأمن السيبراني تقع نتيجة خطأ بشري.
والأهم القرب من أطفالنا بتوعيتهم ومراقبة من قد يتجاوز عليهم أو يستغلهم للاختراقات بشتى أنواعها في الفضاء الافتراضي، وأن تأخذ هذه الجهود الأولوية لدى الأهل بحيث لا ننشغل عن ذلك بالسفر والتسوق وحضور المناسبات، ثم إذا وقع الفأس في الرأس كما يقال لا يفيد الندم، ولعل ما يسهل مراقبة ما يتعرض له الأطفال أن بعض الأمهات بالذات أصبح لديهن معرفة بالتعامل مع التقنية الحديثة بعد تمكين المرأة في كل المجالات، خاصة في مجال الأمن السيبراني حسب المبادرة التي أشرنا لها في سياق المقال.