ضرب منشآت إيران النفطية .. الخيارات الصعبة

تُقرع طبول الحرب في أجواء منطقة الشرق الأوسط الذي اتسعت رقعة النيران فيه من غزة إلى بيروت ومن تل أبيب إلى طهران بينما يترقب العالم الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني الثلاثاء الماضي الذي قد يأتي في أي لحظة من الآن.

قد تلجأ إسرائيل إلى ضرب مناطق ومفاصل القوة الإيرانية، هذه القوى متمثلة في القوة النووية ومفاعلاتها النووية وهي القوة التي يسابق الإيرانيون الزمن لامتلاك السلاح النووي لتكون قوة ردع وتوازن للقوى، والقوة الاقتصادية المتمثلة بمنشآت ومصافي النفط وهي الشريان الاقتصادي الحيوي ومصدر المال المتدفق في عصب الاقتصاد الإيراني والممول للعمليات العسكرية، أما القوة الثالثة فهي قوة الصواريخ البالستية التي تمثل الذراع العسكري الطويل لإيران.

ولعل أكثر هذه الخيارات ترجيحاً هي الهجوم على منشآت النفط الإيرانية فالرئيس الأمريكي لم يستبعد هذا الخيار، وأكد أنه قيد البحث والدراسة وصقور الكونجرس الأمريكي يدفعون بقوة إلى هذا الاتجاه، هذا الاحتمال يأتي انطلاقاً من أن توجيه ضربة للمفاعلات النووية الإيرانية قد يفضي إلى حرب مفتوحة تذهب معه إيران إلى أبعد مدى للانتقام من المشروع الذي صبرت على إنجازه طويلاً وضحت بمواقف سياسية وعسكرية كبيرة وبذلت من أجله كثيرا من الجهد والمال والوقت والخبرات المتراكمة، كما أن استهداف قواعد الصواريخ البالستية من الصعب الجزم بفاعليته ونسبة القضاء على هذه القوة ما يبقي خيار المنشآت النفطية على قمة قائمة الخيارات.

لكن ما الذي سيحدث في حال استهدفت المنشآت النفطية الإيرانية، للإجابة عن هذا السؤال علينا أن ندرك أن هذا يعتمد على دقة وصف ونوع المنشآت النفطية لأن تأثيرها يختلف من تأثير داخلي يؤثر في الداخل الإيراني وتأثير خارجي يصل تأثيره في أسواق النفط والاقتصاد العالمي، فاستهداف المصافي الإيرانية مثلاً كما يأمل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بضربها بقوة لن يكون له تأثير كبير في أسواق النفط إلا معنوياً، فأكثر من سيتضرر من مثل هذا الاستهداف وتعطل المصافي الإيرانية هم الإيرانيون أنفسهم، حيث ستتأثر كميات المشتقات النفطية المنتجة من هذه المصافي والمتجهه إلى الداخل الإيراني وخصوصاً قطاعي المواصلات والصناعة والزراعة، هذا سيولد إرباكاً هائلاً للاقتصاد الإيراني وضرراً للبنية التحتية لمنشآت المصب يعتمد على مدى قوة الاستهداف وحجمه.

التأثير الأكبر في أسواق النفط يأتي من استهداف مناطق ومنشآت الإنتاج ومرافق فصل وتخزين الزيت الخام والغاز والتي تصلها بشبكة الأنابيب التي تربطها بموانئ التصدير ومنها إلى ناقلات النفط التي تذهب إلى الصين مروراً بموانئ إقليمية وآسيوية والمجهزة بوسائل التخفي عن أجهزة الملاحة البحرية ومراقبة السفن للتهرب من العقوبات المفروضة على صادراتها النفطية.

لقد ارتفع معدل إنتاج النفط الإيراني العام المنصرم إلى مستوى 3.4 مليون برميل يومياً ما يجعل خسارة جزء من هذا الإنتاج مؤثر في أروقة أسواق النفط، فقد صعدت أسعار خام برنت إلى مستوى 79 دولارا للبرميل في أعقاب الهجوم الصاروخي على تل أبيب مطلع هذا الشهر وقد يواصل تسجيل ارتفاعات أكبر تصل إلى 3 خانات في حال تم تهديد الإنتاج الإيراني الحالي.

المشكلة التي تحيط بخيار استهداف مناطق ومرافق الإنتاج الإيرانية هي خشية الإدارة الأمريكية من عواقبها على أسواق وأسعار النفط وهي المقبلة على انتخابات رئاسية حاسمة فارتفاع أسعار النفط في الولايات المتحدة نتيجة مثل هذا الهجوم سيرفع سعر المشتقات البترولية وأهمها البنزين، التي تؤثر في جيب المواطن الأمريكي وهو متجه لصناديق الاقتراع في وقت حاسم وحساس وقد يستفيد منه المنافس الجمهوري دونالد ترمب الذي يؤيد مثل هذا الهجوم.

إذا فالإدارة الأمريكية بين خيارات صعبة قد يفضي بعضها إلى اشتعال المنطقة وتوسع دائرة الصراع خارج حدود السيطرة وهو ما يجعل العالم أجمع في خطر محدق وكبير، وبين أن تكون خيارات الرد محسوبة وأكثرها ترجيحاً الهجوم على منابع النفط الإيرانية ما يشعل أسعار النفط وقد يفضي إلى خسارتها الانتخابات الرئاسية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي