لا حرب ولا ركود .. لماذا تعاني الولايات المتحدة خللا ماليا؟
وابل الديون العامة في الولايات المتحدة يضع الأمة عند نقطة تحول مالية، ومع ذلك فإن الصمت من جانب الحملتين الرئاسيتين كان مطبقا.
بلغ إجمالي الدين العام 36 تريليون دولار، ومن المقرر أن تتجاوز مدفوعات الفائدة السنوية عليه 890 مليار دولار.
ولتوضيح ذلك، فإنه يتم إنفاق أكثر على خدمة الديون مقارنة بالإنفاق الدفاعي الأمريكي (866 مليار دولار)، بحسب مجلة "بارونز" الأمريكية.
بلغ العجز الفيدرالي في السنة المالية الماضية 1.8 تريليون دولار، وفقا لتقرير مكتب الميزانية في الكونجرس هذا الأسبوع. ويتوقع أن ترتفع الديون العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من مستواها القياسي الحالي البالغ 99% إلى 109% في 2028، ثم تستمر في النمو إلى 122% بحلول نهاية 2034.
يرى ديفيد ك. يونج، رئيس لجنة التنمية الاقتصادية في مقال على مجلة بارونز أن الولايات المتحدة لا تعيش حالة حرب مباشرة ولا تعاني الركود، وهما المحركان التاريخيان لمثل هذا الخلل المالي. ومع ذلك فإن مستوى ديونها أسوأ من معظم الاقتصادات المتقدمة الأخرى، ويضعها في نفس المستوى مع اليونان وإيطاليا المثقلتين بالديون على نحو دائم.
ارتفاع الديون الوطنية يهدد نمو الأعمال التجارية من خلال مزاحمة الاستثمار الخاص (إبعاد الاستثمارات الضعيفة أو صغار المستثمرين)، ورفع تكاليف الاقتراض، وإضعاف مستوى المعيشة. ويتأثر الضعفاء اقتصاديا بذلك أكثر من غيرهم.
علاوة على ذلك، فإن التكلفة المتزايدة لخدمة هذا الدين تستنزف الموارد وتؤثر سلبا في قدرة معالجة الأولويات الوطنية. وكل دولار يُنفق على خدمة الدين لا يمكن إنفاقه على قضايا حاسمة أخرى، مثل الدفاع الوطني، والرعاية الصحية، والتعليم.
ومع تركيز ملايين العيون والآذان على الحملة الرئاسية، فإن الآن هو الوقت المثالي للزعماء الوطنيين لإظهار أنهم يدركون أهمية هذه القضية. فمن غير الرئيس القادم سيتناول هذه القضية؟
يتعين على المرشحين معالجة القضية بشكل مباشر واقتراح سياسات شاملة للتعامل مع أزمة الديون ووضع الأمة على مسار مالي أفضل. يجب أن يلتزم كل منهما بالعمل مع الكونجرس لمعالجة هذه القضايا الهيكلية بعد الانتخابات، خاصة مع انتهاء قانون سقف الدين الحالي في الثاني من يناير 2025، قبل التنصيب مباشرة.
يتعين على كل مرشح أن يحدد هدفا إستراتيجيا وطنيا لخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة من مستواه الحالي البالغ 99% إلى 70% أكثر استدامة.
كما ينبغي للمرشحين أن يلتزما بالإصلاح الضريبي على أساس مبادئ العدالة والكفاءة والبساطة. ويشكل انتهاء صلاحية عديد من الأحكام المهمة لقانون التخفيضات الضريبية والوظائف في العام المقبل فرصة سانحة للقيام بذلك.
الالتزام الموثوق بالعمل مع الكونجرس بشأن هذا الوضع المالي من شأنه أن يطمئن الشعب الأمريكي ويُفيد الناخبين الذين يشعرون بالقلق إزاء المستقبل المالي طويل الأجل للبلاد. وفي النهاية، ستكون الأمة في وضع أفضل لمواصلة توليد الرخاء وتوفير الفرصة لتسلق السلم الاقتصادي.