2075 .. عام الاقتصاد والطاقة
عند الحديث عن أي خطة تنموية إستراتيجية على مستوى الدول، فلا مناص من أن تكون الطاقة ومصادرها أحد أركان هذه الخطة، فالطاقة شريان الاقتصاد، ومحرك الصناعة، وقلب التطور النابض، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتطور المجتمعات وترتقي في سلم المدنية في منأى عنها، وليس من الموضوعية تجاوز أو تجاهل حقيقة أن النمو السكاني المطرد يعني بالضرورة الحاجة إلى نمو موازي في الطاقة وشرايينها.
الجدير بالذكر أن الطاقة ومنتجاتها المختلفة ليست سلعا أو منتجات ثانوية، بل هي في اعتقادي منتجات أساسية وحيوية، بل ووجودية على خريطة التقدم والمدنية، والخطر الحقيقي المحدق بهذا القطاع في رأيي هو تبني بعض الدول وصناع القرار وبيوت الخبرة أفكارا غير صحيحة، بل ومضللة حول الوقود الأحفوري وعلى رأسه النفط، وقد سلطت الضوء على هذا الموضوع في عدد من المقالات السابقة، فندت فيها هشاشة هذه الأفكار والتوجهات.
هذه الأفكار التي صاغتها وحملت لواءها الأجندات السياسية والاقتصادية ضيقة الأفق ستؤدي في رأيي بطبيعة الحال إلى اتخاذ بعض الدول والمنظمات قرارات إستراتيجية غير صحيحة ستضر هذا القطاع على المدى المتوسط والبعيد وأعني هنا صناعة النفط والاستثمار فيه على وجه الخصوص. أعتقد جازما أن محاولة تقويض صناعة المنبع وأنشطتها المختلفة والاستثمار فيها، هو خطأ إستراتيجي جسيم، بل وخطر حقيقي يهدد استقرار أسواق النفط على المدى المتوسط والبعيد، بل سيؤدي في رأيي إلا أزمة حقيقية في الطاقة.
يجب التنويه أن الاستثمار في صناعة المنبع هو مرآة مستقبل أسعاره، حيث إن ضخ الاستثمارات في عمليات الاستكشاف والتنقيب والحفر وتطوير الحقول القائمة واستقطاب وتطوير التقنيات التي تخدم حقول النفط والغاز، ضخ هذه الاستثمارات يعني مزيدا من الإنتاج ونموه، ليوازي النمو السكاني المتسارع، إضافة إلى النمو الاقتصادي والصناعي والخدمي العالمي عموما والنمو الاقتصادي للدول الناشئة.
قطاع الطاقة قطاع حيوي وإستراتيجي لا يحتمل في اعتقادي مدخلات غير دقيقة وغير موضوعية لاستشراف مستقبله، حيث إن الاستشراف غير الدقيق لمستقبله قد يؤدي إلى اضطراب قوي في أسواقه وشرايينه لن تسر المستهلكين قبل المنتجين.
بنك "جولدمان ساكس" نشر تقريرا استشرافيا لاقتصادات العالم بحلول 2075 جاء فيه أن اقتصاد كل من الصين والهند بالتوالي سيتربعان على عرش صدارة أكبر اقتصادات العالم في 2075، حيث يتجاوز اقتصاداهما اقتصاد الولايات المتحدة التي ستحتل المرتبة الثالثة بحلول العام ذاته وفق معيار الناتج المحلي الإجمالي.
الملفت أن قائمة أكبر 20 اقتصادا في العالم من حيث الإجمالي المحلي، ستخلو من دول أوروبا وروسيا! حيث إن ترتيب أكبر اقتصادات العالم سيضم بالترتيب بعد الصين والهند وأمريكا كما تم ذكره سابقا، إندونيسيا ونيجيريا وباكستان ومصر والبرازيل والمكسيك وتركيا وبنجلادش، وإيران، وفيتنام، والسعودية. يليهما في الترتيب كل من تايلاند والفلبين وجنوب إفريقيا والكونجو وإثيوبيا وأخيرا في المرتبة الـ 20 دولة كينيا.
توحيد الجهود وتوفير الموارد لرفع كفاءة الإنتاج والاستهلاك لجميع مصادر الطاقة دون استثناء هو الأجدى، لا محاربة الوقود الأحفوري وعلى رأسه النفط، فشح الطاقة خطر لا يتمنى حدوثه المنتجين والمستهلكين على حد سواء.