صندوق النقد يتوقع استقرارا "مخيبا للآمال" للنمو العالمي بمعدل 3.2 % خلال عامين

صندوق النقد يتوقع استقرارا "مخيبا للآمال" للنمو العالمي بمعدل 3.2 % خلال عامين
لم تتغير توقعات الصندوق للنمو العالمي عن الواردة في شهر يوليو 2024. المصدر: رويترز

توقع صندوق النقد الدولي، أن يظل النمو العالمي مستقرا وإن كان مخيبا للآمال، بمعدل 3.2% في 2024 و2025، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لأكتوبر مقارنة بيوليو الصادر اليوم.

ولم تتغير توقعات النمو الصادرة من الصندوق، تقريبا عن تلك الواردة في مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي ليوليو 2024، وآفاق الاقتصاد العالمي لأبريل 2024.

مع ذلك، حدثت تعديلات ملحوظة، إذ عوض رفع توقعات الولايات المتحدة تخفيض توقعات الاقتصادات المتقدمة الأخرى - خاصة أكبر الدول الأوروبية.

خفض توقعات النمو للشرق الأوسط

لكن الصندوق خفض توقعاته في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بفعل الاضطرابات في إنتاج السلع الأساسية وشحنها في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية -خاصة النفط- والصراعات والاضطرابات المدنية والظواهر المناخية.

ما عوض ذلك بحسب الصندوق، رفع التوقعات لآسيا الناشئة، حيث أدى الطلب المتزايد على أشباه الموصلات والإلكترونيات، مدفوعا باستثمارات كبرى في الذكاء الاصطناعي، إلى تعزيز النمو، ولا تزال أحدث توقعات النمو العالمي بعد 5 أعوام عند 3.1%، وهي نسبة متواضعة مقارنة بمتوسط ما قبل الجائحة.

أضاف الصندوق، أن استمرار الرياح المعاكسة الهيكلية -مثل شيخوخة السكان وضعف الإنتاجية- يعوق النمو المحتمل في عديد من الاقتصادات، لكن خفت حدة الاختلالات الدورية منذ بداية العام، ما حَسّن اتساق النشاط الاقتصادي مع الناتج المحتمل في الاقتصادات الكبرى.

ويعمل هذا التعديل على تقريب معدلات التضخم عبر البلدان، وأسهم في المجمل في خفض التضخم العالمي.

الأسواق الناشئة تحصل على الدعم من آسيا

رفع صندوق النقد توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي في 2024 إلى 2.8% من 2.6% المتوقعة في يوليو، كما رفعها لنمو اقتصاد روسيا إلى 3.6% من توقعاته السابقة البالغة 3.2%، في حين خفضها لنمو اقتصاد منطقة اليورو إلى 0.8%.

ومثل الاقتصادات المتقدمة، فإن آفاق نمو الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية مستقرة بشكل ملحوظ للعامين المقبلين، حيث تحوم حول 4.2% وتستقر عند 3.9% بحلول 2029. وكما هو الحال في الاقتصادات المتقدمة، تحدث ديناميكيات موازِنه بين مجموعات البلدان.

ومقارنة مع أبريل، ارتفعت توقعات النمو في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية بمقدار 0.1 نقطة مئوية لـ 2024، ما يعكس ارتفاعات لآسيا (الصين والهند) التي تعوض انخفاضات لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

ومن المتوقع أن يتراجع النمو القوي في آسيا الناشئة، من 5.7% في 2023 إلى 5.0%  في 2025. ويعكس هذا تباطؤ مستمر في أكبر دولتين في المنطقة.

وفي الهند، من المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي من 8.2% في 2023 إلى 7% في 2024 و6.5% في 2025، وذلك لأن الطلب المكبوت المتراكم أثناء الجائحة قد استنفد.

أما الصين، فمن المتوقع أن يكون التباطؤ تدريجيا أكثر. ورغم الضعف المستمر في قطاع العقارات وانخفاض ثقة المستهلك، يرجح أن يتباطأ النمو تباطؤا طفيفا فقط إلى 4.8% في 2024، ويعزا ذلك إلى حد كبير إلى الصادرات الصافية التي جاءت أفضل من المتوقع.

تراجع متوقع للتضخم عالميا

الصندوق توقع أن ينخفض التضخم الكلي العالمي من متوسط سنوي قدره 6.7% في 2023 إلى 5.8%في 2024 و4.3% في 2025، مع عودة الاقتصادات المتقدمة إلى أهدافها للتضخم في وقت أسرع من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.

ومع استمرار تراجع التضخم العالمي، بما يتماشى على نطاق واسع مع خط الأساس، لا تزال توجد احتمالية مواجهة عقبات على الطريق نحو استقرار الأسعار، بحسب الصندوق.

واستقرت أسعار السلع، لكن التضخم في أسعار الخدمات لا يزال مرتفعا في مناطق كثيرة، ما يشير إلى أهمية فهم ديناميكيات القطاعات ومعايرة السياسة النقدية وفقا لذلك.

وتميل المخاطر على التوقعات العالمية إلى الاتجاه الهبوطي وسط حالة متزايدة من عدم اليقين السياسي.

تقلبات الأسواق المالية المفاجئة

نوه الصندوق، بأن تقلبات الأسواق المالية المفاجئة -كما حدث في أوائل أغسطس- تؤدي إلى تشديد الظروف المالية وفرض ضغوط على الاستثمار والنمو، وخاصة في الاقتصادات النامية، كما تؤدي احتياجات التمويل الخارجي الكبيرة في الأمد القريب إلى تدفقات رأس المال إلى الخارج وضائقة في الديون.

أضاف، أن مزيدا من الاضطرابات في عملية خفض التضخم، التي قد تنجم عن ارتفاعات جديدة في أسعار السلع الأساسية وسط التوترات الجيوسياسية المستمرة، تؤدي إلى منع البنوك المركزية من تخفيف السياسة النقدية، ما قد يفرض تحديات كبرى على السياسة المالية والاستقرار المالي.

ووفقا للصندوق، يتسبب الانكماش الأعمق أو الأطول من المتوقع في قطاع العقارات في الصين، خاصة إذا أدى إلى عدم الاستقرار المالي، في إضعاف معنويات المستهلكين وينتج عنه آثار سلبية عالمية نظرا للبصمة الكبيرة للصين في التجارة العالمية.

تفاقم التوترات التجارية

تابع، أن تكثيف السياسات الحمائية يؤدي إلى تفاقم التوترات التجارية، والحد من كفاءة السوق، وتعطيل سلاسل التوريد بشكل أكبر، كما يمكن أن يؤدي تصاعد التوترات الاجتماعية المتزايدة إلى اضطرابات اجتماعية، ما يضر بثقة المستهلكين والمستثمرين وربما يؤخر تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الضرورية.

ومع تضاؤل الاختلالات الدورية في الاقتصاد العالمي، يجب معايرة أولويات السياسات في الأمد القريب بعناية لضمان هبوط سلس.

قال الصندق، إن هناك حاجة ماسة في عديد من البلدان، إلى تغيير نهج السياسة المالية لضمان استمرار الدين العام على مسار مستدام وإعادة بناء الاحتياطات المالية؛ وينبغي أن تكون وتيرة التعديل مصممة وفقا للظروف الخاصة بكل بلد.

ضرورة الإصلاحات الهيكيلة

أضاف، أن الإصلاحات الهيكلية ضرورية لرفع آفاق النمو في الأمد المتوسط، ولكن ينبغي الحفاظ على دعم الفئات أكثر ضعفا.

وأكد ضرورة الحاجة إلى التعاون متعدد الأطراف أكثر من أي وقت مضى، لتسريع التحول الأخضر ودعم جهود إعادة هيكلة الديون، مضيفا أن التخفيف من مخاطر التفكك الجغرافي الاقتصادي وتعزيز الأطر المتعددة الأطراف القائمة على القواعد أمر ضروري لضمان قدرة جميع الاقتصادات على جني ثمار النمو في المستقبل.

 

الأكثر قراءة