إنشاء سوق للرهن العقاري وفرص التمويل الإسلامي
في مبادرة ذات أهمية كبيرة تعمل عليها السعودية في القطاع المالي هو العمل على إنشاء سوق للرهن العقاري بما يفتح للسوق مجالات جديدة للاستثمار ويعزز من تدفق الاستثمارات على قطاع قد يشهد تطورا كبيرا خلال الفترة المقبلة وهو القطاع العقاري الذي يمثل ما يقارب 6% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 12% من الناتج المحلي غير النفطي ولا يزال ينتظر هذا القطاع كثير من الفرص نظرا لتنوع الأنشطة الاقتصادية في السعودية وفق رؤية السعودية 2030 الذي أتاح مساحة واسعة للنشاط العقاري في قطاعات مثل السياحة والترفيه والخدمات اللوجستية والصناعة والزراعة والتجارة.
سوق الرهن العقاري تنقسم إلى قسمين السوق الرئيسية والسوق الثانوية، فالسوق الرئيسية (Primary Market) هي ما تمارسه البنوك حاليا وشركات التمويل من خلال تقديم التمويل المباشر لشراء الأصول العقارية، لكن ليس هناك قناة لبيع هذه الأصول وتداولها من خلال سوق أخرى لتمكن البنوك أو جهات التمويل من الاستفادة من السيولة الجديدة وضخها في السوق مرة أخرى لشراء أصول عقارية، وهذا ما يجعل الاندفاع تجاه التمويل العقاري لمجموعة من المؤسسات المالية ضعفا بدون وجود دعم حكومي نظرا لأنها تحتاج إلى انتظار ما يصل إلى 30 عاما لاسترداد كامل التمويل وهذا يخفض من النشاط العقاري والتمويل في هذا القطاع.
السوق الثانوية هي التي تتداول الرهون العقارية في السوق المالية بعد تصكيكها (Securitization) من قبل الممول الرئيسي لتحويلها إلى ورقة مالية يمكن تداولها في السوق المالية والاحتفاظ بها للمدة التي يرغب فيها المستثمر، فهي أقرب إلى شكل الصكوك الإسلامية أو السندات من حيث إنها تحقق عوائد شبه ثابتة والمخاطر عليها منخفضة بحسب الجهة المصدرة لها والجدارة الائتمانية للمستفيدين من التمويل، ويمكن بهذه الطريقة تقديم تمويلات ضخمة بحسب الطلب الموجود في السوق ما يعزز من النشاط في القطاع العقاري.
فوائد سوق الرهن العقاري متعددة منها توفير خيارات أكثر للتمويل بما يوفر سيولة متخصصة أكبر، ما يعزز النشاط الاقتصادي الخاص بالقطاع العقاري ويشجع كثيرا من ملاك الأراضي على تحويل ممتلكاتهم للاستفادة منها ببنائها من خلال هذا التمويل الذي يعظم من المنافع لهذه الأصول ويجعل منها أصولا مدرة للدخل وتحقق عائدا لهم دون الحاجة إلى توفير السيولة الكاملة للقيام بهذه المشاريع.
من الممكن أن يخفض تكلفة التمويل، حيث إن البنوك غير مضطرة إلى الاحتفاظ بهذه الديون لفترة طويلة بل يمكن أن تستفيد من الإجراءات التي تبدأ بها التمويل وتحتفظ به لمدة قصيرة على غرار التمويل الشخصي ومن ثم تقوم بتصكيكه وبيعه في السوق المالية، ما يجعل تكلفة التمويل العقاري قريبة جدا من تكلفة التمويل الشخصي الذي يعتبر نسبيا قصير الأجل وتفضله البنوك. إنه يعزز من تدفق الاستثمارات إلى السوق المالية السعودية باعتباره مسارا جديدا في السوق للاستثمار.
التمويل الإسلامي يمكن أن يستفيد من مثل هذا النوع من الأسواق للاستثمارات العقارية التي تعتمد على عقود الإجارة والمشاركة وليس المرابحة ما يجعل من الأهمية أن تبدأ هذه المؤسسات بتقديم خيارات تقوم على مثل هذا النوع من العقود.
فالخلاصة أن إنشاء سوق للرهن العقاري يمكن أن يجذب مزيدا من الاستثمارات للسوق المالية السعودية ويشجع البنوك على تقديم خيارات أقل تكلفة للتمويل، ويزيد من رغبة ملاك الأراضي في تطوير عقاراتهم بما يجعل منها ذات عائد أكبر، وخيارات التمويل بالإجارة والمشاركة ستكون مناسبة للاستثمارات المتوافقة مع الشريعة.