الاعتماد على التنوع البيولوجي

يسهم التنوع البيولوجي في العالم في توفير الغذاء وفرص العمل والتراث الثقافي، فضلاً عن تنظيم أحوال المناخ. ففي البنك الدولي نتفهم الصلة بين الفقر وتغير المناخ – والدور الذي يؤديه التنوع البيولوجي في كليهما ولهذا تم توسيع مهمتنا ورؤيتنا ليس فقط للتركيز على القضاء على الفقر، ولكن أيضاً على بناء كوكبٍ صالحٍ للعيش فيه. وبهذه الخطوة يقر البنك بأن الاستدامة جزء لا يتجزأ من جميع أعمالنا وكيف أن الاستثمارات في التنوع البيولوجي ليست مفيدة للبيئة فحسب، بل إنها منطقية من الناحية الاقتصادية أيضاً.


فعلى سبيل المثال، يعمل ما يقرب من نصف مليار شخص -أو ما يزيد قليلاً على 6% من سكان العالم- في سلاسل القيمة لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، ما يخلق فرص عمل ويدعم الأمن الغذائي. ويعتمد كثير من إمداداتنا الغذائية على الملقحات، ولا سيما النحل. ومقابل كل دولار تستثمره الحكومات في المناطق المحمية والسياحة القائمة على الطبيعة، يبلغ معدل العائد 6 أضعاف الاستثمار الأصلي على الأقل، ما يعزز فرص العمل في هذه الأماكن.


يجب أن تكون الاستثمارات الذكية التي تستهدف خدمة المجتمعات وخلق فرص العمل مصحوبة بتركيز شديد على دمج الطبيعة والإجراءات المناخية. ومن الأمثلة على ذلك الحلول القائمة على الطبيعة، التي يتم نشرها في جميع أنحاء العالم كمصدات فعالة من حيث التكلفة ضد التهديدات المناخية. وتعد أشجار المانجروف مثالاً بارزاً على هذه الحلول، لأنها تبني القدرة على التكيف مع تغير المناخ والطقس القاسي، ولا سيما بالنسبة للمجتمعات الريفية والساحلية، في حين تزداد قيمتها بمرور الوقت، على عكس البنية التحتية التقليدية التي يصنعها الإنسان.


وقمنا بتخصيص محفظة استثمارية بقيمة 14 مليار دولار للعمل في القطاعات البيئية، مع تعميم الاعتبارات البيئية في جميع القطاعات التي نعمل فيها، وفي جميع المناطق على اختلاف المشاهد والبيئات الطبيعية والبحرية. ومن شأن برنامج التحديات العالمية بشأن الغابات من أجل التنمية والمناخ والتنوع البيولوجي الجديد والطموح للبنك الدولي، أن يمكننا من توسيع نطاق عملنا بشكل أكبر، وتقديم حلول بالاشتراك مع القطاعين العام والخاص للتركيز على المناطق الأحيائية الرئيسية للغابات.


إضافة إلى ما سبق، فإننا نبذل قصارى جهدنا لتعبئة الموارد، ومنها المنح، من أجل أنشطة دعم الطبيعة، والاستفادة القصوى من الموازنات العامة المحلية، والحد من أخطار الاستثمار في التمويل الخاص. ونحن في الأساس نستهدف استثمار الأموال في الأماكن وتقديمها للجهات التي يمكنها إحداث أكبر أثر إنمائي. وفي هذا الإطار، يظل التنوع البيولوجي موضع نقاش مهم في العملية الـ21 لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية (العملية الـ21 لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية) التابعة للبنك الدولي، التي تقدم منحاً وقروضاً منخفضة الفائدة للاقتصادات الأكثر فقراً وتعرضاً للأخطار. ومن شأن ذلك أن يساعد على ضمان تحقيق التنمية مع الاستدامة بالنسبة لهذه البلدان منخفضة الدخل، التي ستكون الخاسر الأكبر من اختفاء التنوع البيولوجي.


إضافة إلى المساندة المالية التي نوفرها، فإننا نركز بشدة على توفير المعرفة ومشاركتها مع الآخرين. وهذا جزء أصيل من ميثاق المعرفة الجديد للبنك الدولي، حيث يتضمن إقراراً صريحاً بأننا بحاجة إلى العمل المشترك مع جميع المؤسسات الإنمائية لتبادل ما يُستجد من أفكار ورؤى حول الطريقة التي يمكننا بها أن نكون أكثر فاعلية فيما نقدمه من استثمارات وحلول لحماية التنوع البيولوجي واستعادته.
ومع ما نتمتع به من قدرات مالية وعمق في دراساتنا التحليلية، لا يمكننا القيام بكل ذلك بمفردنا. وهذا هو السبب في أن الشراكات تعد أمراً أساسياً لمساندة البلدان لتحقيق مستهدفات الإطار العالمي للتنوع البيولوجي. كما تُعد شراكاتنا مع اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، والوكالات التابعة للأمم المتحدة الأخرى، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، والمؤسسات الخيرية، وكذلك المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والبلدان والمجتمعات المحلية، والشعوب الأصلية، ركيزة أساسية لنجاح جهودنا للحفاظ على كوكب صالح للعيش فيه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي