موديز: البنوك السعودية تواجه تحدي عدم كفاية الودائع لتلبية الطلب على القروض
يمثل نمو الودائع تحدياً للقطاع البنكي السعودي، ما يضع ضغوطاً على المصارف لتوفير التمويلات اللازمة لتلبية ارتفاع الطلب على الائتمان المدفوع بالمشاريع العملاقة ضمن "رؤية السعودية 2030"، بحسب تقرير صادر عن وكالة "موديز ريتينغز".
وكالة التصنيف الدولية رأت أن "رؤية 2030"، وما تتضمنه من مبادرات ومشاريع عملاقة في قطاعات مختلفة، بما في ذلك قطاعات السياحة والإسكان والبنية التحتية، تفتح فرصاً كبيرة لنمو القطاع البنكي في السعودية خلال السنوات القادمة، مدفوعاً بنمو الطلب على الائتمان.
لكن التقرير اعتبر أن التحدي أمام المصارف السعودية يتمثل في أن التمويل بالودائع ميسورة التكلفة والمستقرة لن يكون كافياً لدى البنوك للاستجابة للطلب المتنامي المرتبط بالبنية التحتية ومشاريع التنمية المندرجة ضمن برامج الرؤية.
ورغم أن مشاريع الرؤية تموّل حالياً بشكل رئيسي من خلال ضخ الأموال من صندوق الاستثمارات العامة السعودي أو الحكومة، حيث يشير إفصاح حديث عن صندوق الاستثمارات السعودي إلى التزامات رأسمالية بحوالي 150 مليار ريال (40 مليار دولار) سنوياً، إلا أن الإقراض المصرفي سيشهد نمواً مدفوعاً بزيادة قروض الشركات وارتفاع اقتراض المقاولين من الباطن الذين يعملون في المشاريع العملاقة، بحسب التقرير.
شكّل برنامج تملك المساكن محركاً للنمو الائتماني لدى المصارف خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وارتفعت الرهون العقارية للأسر ارتفاعاً كبيراً، من 110 مليارات ريال خلال 2016 إلى 607 مليارات ريال سعودي في نهاية 2023.
وبما أن الرهون العقارية سجلت بسعر فائدة ثابت خلال فترة انخفاض سعر الفائدة، إضافة إلى امتداد فترة الحيازة غالباً من 25 إلى 30 سنة، فإن ذلك يمكن أن يشكل ضغطاً على هوامش القطاع.
رغم ذلك، يشهد نمو الرهون العقارية تباطؤاً، عزته "موديز" إلى ارتفاع أسعار الفائدة، واقتراب المملكة من تحقيق هدفها المتمثل في مستهدفها لتملك المساكن بنسبة 70%.
قال وزير الإسكان السعودي، "ماجد الحقيل"، إنَّ معدَّل تملُّك المساكن بالمملكة قد ارتفع إلى 62% بفضل برنامج الإسكان الذي استفادت منه حتى الآن 775 ألف أسرة، في حين انتقلت 270 ألف أسرة لمنازلها الجديدة بمعدَّل استفادة شهرية 31 ألف أسرة شهرياً.
احتمالان لنسبة نمو القروض إلى الودائع
وضع التقرير سيناريوهين محتملين لنمو الودائع لدى البنوك كنسبة إلى نمو الطلب على الائتمان خلال الـ18 شهراً القادمة. وهما سيناريو الحالة المرجعية الأساسية والسيناريو المتأزم. وحتى في سيناريو الحالة الأساسية، يشير التقرير إلى عدم كفاية نمو الودائع لدى المصارف السعودية من أجل تمويل الطلب المتنامي على مشاريع الرؤية الضخمة.
في سيناريو الحالة المرجعية الأساسية، تتوقع "موديز" نمو الائتمان أكثر من نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنحو 2.5 مرة، مستنداً إلى توقعات بإنجاز العديد من المشاريع المنتظر الانتهاء منها بين عامي 2025 و2027، فيما توقعت نمواً للودائع بنسبة 10% بدعم من الإصلاحات التي تنجزها المملكة لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب.
وبالرغم من ارتفاع نمو الودائع، تفترض "موديز" ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع في قطاع الخدمات المصرفية من حوالي 104% في 2023 إلى 108% و112% في 2024 و2025 على التوالي.
أما في حالة السيناريو المتأزم، فتوقعت الوكالة زيادة النمو الائتماني بوتيرة أكثر حدة لتبلغ 3.5 مرة نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. ومع افتراض معدل نمو الودائع مشابه لسيناريو الحالة الأساسية، فإن نسبة القروض إلى الودائع في قطاع الخدمات المصرفية سترتفع لتبلغ 113% و123% في 2024 و2025 على التوالي.
عكست نسبة القروض إلى الودائع في البنوك السعودية مسارها خلال الربع الأول من السنة الجارية، لتتراجع بنحو 2.2 % إلى 97%، مقارنة بمستوياتها خلال الربع الرابع.
مصادر تمويل بديلة
ولتضييق هذا الفارق، تتوقع الوكالة الدولية أن نشهد تحولاً استراتيجياً من المصارف نحو تنويع مصادر تمويلها، وذلك عبر توجهها بشكل أكبر نحو إصدار الديون الأساسية غير المدعومة بأصول والأوراق المالية الإضافية من الفئة 1 (AT1)، والتي بدأته قبل عامين، إضافة إلى الديون المستدامة والاقتراض المشترك بين البنوك.
ومن ضمن الخيارات الأخرى لرفع السيولة، أشار التقرير إلى أن المصارف السعودية بإمكانها الاستفادة من خيار إعادة التمويل العقاري الذي تمنحه الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري (SRC)، من أجل تحويل أصول الرهون العقارية الأطول أجلاً وذات سعر الفائدة الثابت إلى نقد، ومن ثم إتاحة السيولة لاستخدامات أخرى.
تنويع مصادر تمويل المصارف رغم كونه مفيداً لتعزيز السيولة وتخفيف المخاطر، إلا أنه يحمل في طياته مجموعة من التحديات، وفق التقرير، الذي لخصها في أن الزيادة الكبيرة في الاعتماد على مصادر التمويل من السوق والتمويل الأجنبي قد يؤدي إلى بروز أوجه ضعف جديدة. حيث إن أي تضيق مفاجئ وحاد للسيولة العالمية قد يؤدي إلى نقص السيولة في النظام المصرفي المحلي.